ولما قدم سبحانه أن الضال المضل له خزي في الدنيا، وقدم أنه يدفع عن الذين آمنوا وينصرهم، وساق الدليل الشهودي على ذلك لمن كان جامد الفهمن مقيداً بالوهم، بالقرى الظالمة التي أنجز هلاكها، وختم بإنكار عماهم عن ظاهر الآيات البيناتن قال عاطفاً على ﴿ومن الناس من يجادل﴾ معجباً منهم وموضحاً لعماهمك ﴿ويستعجلونك﴾ ويجوز وهو أحسن أن تكون هذه الجملة حالاً من فاعل ﴿يسيروا﴾ فيكون مما أنكر عليهم ﴿بالعذاب﴾ الذي تتوعدهم به تكذيباً واستهزاء، ﴿و﴾ الحال أنه ﴿لن يخلف الله﴾ الذي لا كفوء له ﴿وعده﴾ فلا بد من وقوعه لكن الطويل عندهم من الزمن القصير عنده، وقد ينجز الوعد وقد يؤخره بعد الوعيد إلى حين يوم أو أقل أو أكثر، لأن قضاءه سبق أنه لا يكون فيه لحكم يظهرها لمن يشاء من عباده ﴿وإن يوماً﴾ أي واحداً ﴿عند ربك﴾ أي المحسن غليك بتأخير العذاب عنهم إكراماً لك ﴿كألف سنة﴾ ولما كان المقصود هنا التطويل، فعبر بالسنة تنبيهاً عليه ؛ ولما كانت السنون قد تختلف قال :﴿مما تعدون*﴾ لأن أيامكم تناسب أوهامكم، وأزمانكم تناسب شأنكم، وهو حليم لا يستطيل الزمان، وقادر لا يخاف الفوت.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٥٩
١٦١


الصفحة التالية
Icon