نصبناها للدلالة علينا مرئية أو مسموعة ﴿معاجزين﴾ أي مبالغين في فعل ما يلزم - في زعمهم - منه عجزنا، ومعجزين، أي مقدرين أنهم يعجزوننا بإخفائهم آياتنا، وإضلال الناس وصدهم عهنا بألقاء الشبه والجدال، اتباعاً لشيطان مريد، من غير علم ولا هدى ولا كتب منير كشبه الاتحادية الذين راج أمرهم على كثير من الناس مع أنه لا شيء لأو هى من شبههم ولا أظهر بطلاناًن ولذلك راج أمرها على أهل الغباوة، فإن الداعية منهم يقول لمن يغره : هذا الظاهر من الكلام لا يقول به عاقلن فالمراد به اسرار دقيقة، وراء طور العقل، لا يوصل إليه إلا بالرياضة والكشف، وما درى المغرور أن أبا طالب كان أعقل من هذا الذي ينسب إليه ذلك الكفر الظاهر، فإن شعره أحسن من شعره، وبديهته أعظم من بديهته، ورؤيته أحكم من رؤيته، وقد رأى من الآيات من النبي ﷺ مل لا مزيد عليه، مع أن له من القرابة ما هو معروف، ومن المحبة مايفوت الحصر، ومع ذلك فقد أصرّ من الضلال ما لا يرضاه حمار لو نطق، على أن هذا المغرور قد لزمه - بتحسين الظن بهؤلاء الكفرة - إساءة الظن باشرف الخلق : النبي ﷺ في قوله "من رأى منكم منكراً" - الحديث الذي في بعض رواياته :"وليس وراء ذلك" أي الإنكار بالقلب - "مثقال حبة من إيمان" وقد أفردت لبيان ضلالهم كتباً لما استطار من شرهم، ومس من ضرهم، منها المطول والمختصر، لا مزيد على بيانها وظهور سلطانها ﴿أولئك﴾ البعداء البغضاء ﴿أصحاب الجحيم*﴾ أي استحقاقاً بما سعوا، فإن شاء تاب عليهم، وإن شاء كبهم فيها، ليعلموا أنهم هم العاجزون، هذا في الآخرة، وسيظهر سبحانه في الدنيا أيضاً عجزهم، بكشف شبههم ومج القلوب النيرة لها، مع ذلهم وانكسارهم، وهوانهم وصغارهم، حتى لا يقدروا أن ينطقوا من ذلك ببنت شفةن علماً منهم أن مثلها لا يقوله عاقل.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٦١


الصفحة التالية
Icon