فالصواب أن يقال : أن النبي إنسان أوحي إليه بشرع جديد أو مقرر، فإن أمر بالتبليغ فرسول أيضاً، والتقييد بشرع لأخراج مريم وغيرها من الأولياء ﴿إلا إذا تمنى﴾ أي تلا على الناس ما أمره الله به أو حدثهم به واشتهى في نفسه أن يقبلوه حرصاً منه على إيمانهم شفقة عليهم ﴿القى الشيطان في أمنيته﴾ أي ما تلاه أو حدث به ةاشتهى أن يقبل، من الشبه والتخيلات ما يتلقفه منه أولياءه فيجادلون به أهل الطاعة ليضلوهم ﴿وإن الشياطين ليوحون إلى أوليائهم ليجادلوكم﴾ [النعام : ١٢١] ﴿وكذلك جلعنا لكل نبي عدواً شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غروراً﴾ [الأنعام : ١١٢] كما يفعل هؤلاء فيما يغيرون به في وجه الشريعة اصولاً وفروعاً من قولهمك إن القرآن شعر وسحر وكهانة، وقولهم ﴿لو شاء الله ما أشركنا﴾ [الأنعام ١٤٨] وقولهم ﴿هؤلاء شفعاؤنا عند الله﴾ [يونس : ١٨] وقولهم ك إن ما قلته الله بالموت حتف أنفه أولى بالأكل مما ذبح، وقولهمك نحن أهل الله وسكان حرمهن لا نخرج من الحرم فنقف في الحج بالمعشر الحرام ويقف الناس بعرفة، ونحن نطوف قي ثيابنا وكذا من ولدناه، وأما غيرنا فلا يطوف إلا عرياناً ذكراً ان أو أنثى إلا أن يعطيه أحد منا ما يلبسه، نحو ذلك مما يريدون أن يطفئوا به نور الله، وكذا تأويلات الباطنية والاتحادية وأنظارهم التي ألحدو فيها، يضل بها من يشاء الله ثم يمحوها من أراد من عباده وما أراد من أمره ﴿فينسخ﴾ أي فيتسبب عن إلقائه أنه ينسخ ﴿الله﴾ أى المحيط بكل شيء قدرة وعلماً ﴿ما يلقي الشيطان﴾ فيبطله بإيضاح أمره ومج القلوب له.