ولما كان قد يتوهم أن عدم إنزال السلكان لا ينفيه، قال مزيلاً لهذا الوهم :﴿وما ليس لهم به علم﴾ أي أصلاً ﴿وما﴾ أي والحال أنهم ما لهم، ولكنه أظهره إشارة إلى الوصف الذي استحقوا به الهلاك فقال :﴿للظالمين﴾ أي الذين وضعوا التعبد في غير موضعه بارتكابهم لهذا الأمر العظيم الخطر ؛ وأكد النفي واستغراق المنفي بإثبات الجار فقال :﴿من نصير*﴾ أي ينصرهم من الله، لا مما أشركوه به ولا من غيره، لا في مدافعة عنهم ولا في إثبات حجة لمذاهبهم، فنفى أن يكون أحد يمكنه أن يأتي بنصرة تبلغ القصد بأن يغلب المنصور عليه، وأما مطلق نصر لا يفيد بما تقدم من شبه الشيطان فلا.
ولما ذكر اعترافهم بما لا يعرف بنقل ولا عقل، ذكر إنكارهم لما لا يصح أن ينكر فقال :﴿وإذا تتلى﴾ أي على سبيل التجديد والمتابعة من أيّ تالٍ كان ﴿عليهم آياتنا﴾ أي المسمعة على ما لها من العظمة والعلو، حال كونها ﴿بينات﴾ لا خفاء بها عند من له بصيرة في شيء مما دعت إليه من الأصول والفروع ﴿تعرف﴾ بالفراسة في وجههم - هكذا كان الأصل، ولكنه أبدل الضمير بظاهر يدل على عنادهم فقال :﴿في وجوه الذين كفروا﴾
١٧٥
أي تلبسوا بالكفر ﴿المنكر﴾ أي الإنكار الذي هو منكر في نفسه لما حصل لهم من الغيظ ؛ ثم بين ما لاح في وجوههم فقال :﴿يكادون يسطون﴾ أي يوقعون السطوة بالبطش والعنف ﴿بالذين يتلون عليهم آياتنا﴾ أي الدالة على أسمائه الحسنى، وصفاتنا العى، القاضية بوحدانيتنا، مع كونها بينات في غاية الوضوح في أنها كلامنا، لما فيها من الحكم والبلاغة التي عجزوا عنها.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٧٤


الصفحة التالية
Icon