ولما استحقوا - بإنكارهم وما أرادوه من الأذى لأولياء الله - النكال، تسبب عنه إعلامهم بما استحقوه، فقال مؤذناً بالغضب بالإعراض عنهم، آمر له ﷺ بتهديدهم :﴿قل أفأنبئكم﴾ أي أتعون فأخبركم خبراً عظيماً ﴿بشر من ذلكم﴾ الأمر الكبير من الشر الذي أردتموه بعباد الله التالين عليكم للىيات وما حصل لكم من الضجر من ذلك، فكأنه قيلك ما هو ؟ فقيل :﴿النار﴾ ثم استأنف قوله متهكماً بهم بذكر الوعد :﴿وعدها الله﴾ العظيم الجليل ﴿الذين كفروا﴾ جزاء لهم على همهم هذا، فبئس الموعد هي ﴿وبئس المصير*﴾.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٧٤
ولما أخبر تعالى عن أنه لا حجة لعابد غيره، وهدد من عاند، أتبعه بأن الحجة قائمة على أن ذلك الغير في غاية ا لحقارة، ولا قدرة له على دفع ما هدد به عابدوه ولا على غيره، فكيف بالصلاحية لتلك الرتبة الشريفة، والخطة العالية المنيفة، فقال منادياً أهل العقل منبهاً تنبيهاً عاماً :﴿يأيها الناس﴾.
ولما كان المقصود من المثل تعقله لا قائله، بني للمفعول قوله :﴿ضرب مثل﴾ حاصله أن من عبدتموه أمثالكم، بل هم أحقر منكم ﴿فاستمعوا﴾ أي أنصتوا متدبرين ﴿له﴾ ثم فسره بقوله :﴿إن الذين تدعون﴾ أي في حوائجكم، وتجعلونهم آلهة ﴿من دون الله﴾ أب الملك الأعلى من هذه الأصنام التي أنتم بها مغترون، ولما تدعون فيها مفترون، لأن سلب القدرة عنها يبين أنها في أدنى المراتب ﴿لن يخلقوا ذباباً﴾ أي لا قدرة لهم على ذلك الآن، ولا يتجدد لهم هذا الوصف أصلاً في شيء من الأزمان، على حال من الحوال، مع صغره، فكيف بما هو أكبر منه ﴿ولو اجتمعوا﴾ أي الذين
١٧٦