قال ابن كثير : والخشوع في ا لصلاة إنما يحصل لمن فرغ قلبه لها، واشتغل بها عما عداها، وآثرها على غيرها، وحينئذ تكون راحة له وقرة عين "وجعلت قرة عيني في الصلاة" رواه أحمد والنسائي عن أنس رضي الله عنه "يا بلال! أرحنا بالصلاة" - رواه أحمد عن رجل من أسلم رضي الله عنه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٨٢
ولما كان كل من الصلاة والخشوع صاداً عن اللغو، أتبعه قوله :﴿والذين هم﴾ بضمائرهم التي تبعها ظواهرهم ﴿عن اللغو﴾ أي ما لا يعنيهم، وهو كل ما يستحق أن يسقط ويلغى ﴿معرضون*﴾ أي تاركون عمداً، فصاروا جامعين فعل ما يعني وترك ما لا يعني.
ولما جمع بين قاعدتي بناء التكاليف : فعل الخشوع وترك اللغو، وكان الإنسان محل العجز ومركز التقصير، فهو لا يكاد يخلو عما لا يعنيه، وكان المال مكفراً لما قصد من الإيمان فضلاً عما ذكر منها على سبيل اللغو، فكان مكفراً للغو في غير اليمين من باب الأولى ﴿خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها﴾ [التوبة : ١٠٣] اتبعه قوله :﴿والذين هم﴾ وأثبت اللام تقوية لاسم الفاعل فقال :﴿للزكاة﴾ أي التزكية، وهي إخراج الزكاة، أو لأداء الزكاة التي هي أعظم مصدق للإيمان ﴿فاعلون*﴾ ليجمعوا في طهارة الدين بين القلب والقالب والما ؛ قال ابن كثير : هذه مكية، وإنما فرضت الزكاة بالمدينة في سنة اثنتين من الهجرة، والظاهر أن التي فرضت بالمدينة إنما هي ذات النصب، وأن أصل الزكاة كان واجباً بمكة كما قال تعالى في سورة الأنعام ﴿وآتوا حقه يوم حصاده﴾ [الأنعام : ١٤١].
ولما أشار إلى أن بذل المال على وجهه طهرة، ةأن حبسه عن ذلك تلفة، أتبعه
١٨٣
الإيماء إلى أن بذل الفرج في غير وجهه نجاسة، وحفظه طهرة.