فقال :﴿والذين هم لفروجهم﴾ في الجماع وما داناه بالظاهر والباطن ﴿حافظون*﴾ أي دائماً لا يتبعونها شهوتها، بل هم قائمون عليها يذلونها ويضبطونها، وذكرها بعد اللغو الداعي إليها وبذل المال الذي هو من أعظم أسبابها عظيم المناسبة ؛ ثم استثنى من ذلك فقال :﴿إلا على أزواجهم﴾ اللاتي ملكوا أبضاعهن بعقد النكاح، ولعلو الذكر عبر بـ " على " ﴿أو ما ملكت أيمانهم﴾ رقابة من السراري، وعبر بـ " ما " لقربهن مما لا يعقل لنقصهن عن الحرائر الناقصات عن الذكور ﴿فإنهم غير ملومين*﴾ أي على بذل الفرج في ذلك إذا كان على وجهه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٨٢
ولما كان من لم يكتف بالحلال مكلفاً نفسه طلب ما يضره، سبب عن ذلك قوله معبراً بما يفهم العلاج :﴿فمن ابتغى﴾ أي تطلب متعدياً ﴿وراء ذلك﴾ العظيم المنفعة الذي وقع استثناؤه بزنى أو لواط أو استمناء يد أو بهيمة أو غيرها ﴿فأولئك﴾ البعيدون من الفلاح ﴿هم العادون﴾ أي المبالغون في تعدي الحدود، لما يورث ذلك من اختلاط الأنساب، وانتهاك الأعراض، وإتلاف الأموال، وإيقاد الشر بين العباد.
ولما كان ذلك من الأمانات العظيمة، أتبعه عمومها فقال :﴿والذين هم لأماناتهم﴾ أي لفروجهم وغيرها، سواء كانت بينهم وبين الله كالصلاة والصيام وغيرهما، أو في المعاني الباطنة كالإخلاص والصدق، أو بينهم وبين خلق كالوادئع والبضائع، فعلى العبد الوفاء بجميعها - قاله الرازي.
ولما كان العهد أعظم أمانة، تلاها به تنبيهاً على عظمة فقال :﴿وعهدهم راعون*﴾ أي الحافظون بالقيام والرعاية والإصلاح.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٨٤


الصفحة التالية
Icon