ولما كان التقدير : تصرفونها في تلك المنافع، عطف عليه مقدماً للجار تعظيماً لمأكولها فقال :﴿ومنها تأكلون*﴾ بسهولة من غير امتناع ما عن شيء من ذلك، ولو شاء لمنعها من ذلك وسلطها عليكم، ولو شاء لجعل لحمها لا ينضج، أو جعله قذراً لا يؤكل، ولكنه بقدرته وعلمه هيأها لما ذكر وذللها له.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ١٩١
ولما كانت المافوتة بين الحيوانات في القوى وسهولة الانقياد دالة على كمال القدرة، وكان الحمل للنفس والمتاع عليها وعلى غيرها من الحيوان من أجلّ المنافع بحيث لولا هو تعطلت أكثر المصالح، ذكره فيها مذكراً بغيرها في البر تلويحاً، وذاكراً لمحامل البحر تصريحاً، فقال مقدماً للجار عداً لحمل غيرها بالنسبة إلى حملها لعظيم وقعه عدماً :﴿وعليها﴾ أي الأنعام الصالحة للحمل من الإبل والبقر في البر ﴿وعلى الفلك﴾ في البحر.
ولما كان من المعلوم من تذليلها على كبرها وقوتها وامتناع غيرها على صغره وضعفه أنه لا فاعل لذلك إلا الله مع أن الممتن به نفس الحمل لا بالنظر إلى شيء آخر، بني للمفعول قوله :﴿تحملون*﴾ بإنعامه عليكم بذلك، ولو شاء لمنعه، فتذكروا عظيم قدرته وكمال صنعته، وعظموه حق تعظيمه، واشكروه على ما أولاكم من تلك النعمن وأخلصوا له الدين، لتفلحوا فتكونوا من الوارثين.


الصفحة التالية
Icon