ولما تأكد الأمر وزاد الوضوح، حسن التهديد على التمادي فقال :﴿قل﴾ منكراً عليهم عدم تسبيبه لهم التقوى :﴿أفلا تتقون*﴾ أي تجعلون بينكم وبين حلول السخط من هذا الواسع الملك التام القدرة وقاية بالمتاب من إنكار شيء يسير بالنسبة إلى هذا الملك العظيم هين عليه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢١٦
ولما قررهم بالعالمين : العلوي والسفلي، أمره بأن يقررهم بما هو أعم منهما وأعظم، فقال :﴿قل من بيده﴾ أي خاصة ﴿ملكوت كل شيء﴾ أي من العالمين وغيرهما، والملكوت الملك البليغ الذي لا نقص فيه بوجه ؛ قال ابن كثير : كانت العرب إذا كان السيد فيهم فأجار أحداً لا يخفر في جواره وليس لمن دونه أن يجبرعليه لئلا يفتات عليه.
ولو أجار ما أفاد، ولهذا قال تعالى :﴿وهو يجير﴾ أي يمنع ويغيث من يشاء فيكون في حرزه، لا يقدر أحد على الدنو من ساحتة ﴿ولا يجار عليه﴾ أي ولا يمكن أحداص أبداً أن يجير جواراً يكون مستعلياً عليه بأن يكون على غير مراده، بل يأخذ من أراد وإن نصره جميع الخلائق، ويعلي من أراد وإن تحاملت عليه كل المصائب، فتبين كالشمس أنه لا شريك يمانعه، ولا ولد يصانعه أو يضارعه ؛ وقال ابن كثير ك وهو السيد المعظم الذي لا أعظم منه الذي له الخلق والأمر، ولا معقب لحكمه الذي لا يمانع ولا يخالف، وما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن.
ولما كان هذا برهاناً مع أنه ظاهر لا يخفى على أحد، قد يمجمج فيه من له غرض في اللددن ألهبهم إلى المبادرة إلى الاعتراف به وهيجهم بقوله :﴿إن كنتم﴾ أي كوناً راسخاً ﴿تعلمون*﴾ أي في عداد من يعلم، ولذلك استأنف قوله :﴿سيقولون لله﴾ أي الذي بيده ذلك، خاصاً به، والتقدير لغير البصريين : ذلك كله لله، لأن اليد أدل شيء على الملك.
ولما كان جوابهم بذلك يقتضي إنكار توقفهم في الإقرار بالبعث، استأنف قوله :
٢١٨


الصفحة التالية
Icon