ولما أقام الدليل على كذبهم بالأدلة على عظمته، وتعاليه عن كل ما يقول الظالمون، وبين لهم الأمر غاية البيان بعد أن هددهم بمثل قوله وما يشعرون ﴿حتى إذا أخذنا مترفيهم بالعذاب﴾ ونحوه من مثل ما أنزله بالماضين، وأحله بالمكذبين، وكان من المعلوم أنه ليس بعد الإعذار إلا إيقاع القضاء وإنزال البلاء، وكان من الممكن أن يعم سبحانه الظالم وغيره بعذابه لأنه لا يسأل عما يفعل، أمره أن يتعوذ من ذلك إظهار لعظمة الربوبية ذل العبودية فقالك ﴿قل رب﴾ أي أيها المحسن إليّ، وأكد إظهار لعظمة المدعو به وإعلاماً بما للنبي ﷺ من مزيد الشفقة على أمته مؤمنهم وكافرهم ﴿إما تريني﴾ أي إن كان ولا بد من أن تريني قبل موتي ﴿مايوعدون*﴾ ثم نبهه على الزيادة في الضراعة بتكرير النداء بصفة الإحسان تعبداً وتخشعاً، وتذللاً وتخضعاً، إشارة إلى أن الله سبحانه له أن بفعل ما يشاء، فينبغي لأقرب خلقه إليه أن يكون على غاية الحذر منه فقال :﴿رب فلا تجعلني﴾ بإحسانك إليّ وفضلك عليّ فيهم، هكذا كان الأصل ولكنه أظهر الوصف تعميماً للدعوة وتعليقاً للحكم بالوصف فقال :﴿في القوم الظالمين*﴾ أي الذين أعمالهم أعمال من يمشي في الظلام، فهي في غير مواضعها، فضلاً عن أن أكون منهم فإنه يوشك أن يخصهم العذاب ويعم من جاورهم لوخامة الظلم وسوء عاقبته.
ولما أرشد التعبير بأداة الشك إلى أن التقدير : فإنا على العفو عنهم وعلى الإملاء لهم لقادرون، عطف عليه قوله مؤكداً لما لهم من التكذيب المتضمن للطعن في ا لقدرة
٢٢٠


الصفحة التالية
Icon