جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٢٠
ولما كان التقدير : فهو لا يجاب إليها، عطف عليه قوله، جامعاً معه كل من ماثله لأن عجز الجمع يلزم منه عجز الواحد :﴿ومن ورائهم﴾ أى من خلفهم ومن أمامهم محيط بهم ﴿برزخ﴾ أى حاجز بين ما هو فيه وبين الدنيا والقيامة مستمر لا يقدر أحد على رفعه ﴿إلى يوم يبعثون*﴾ أي تجدد بعثهم بأيسر أمر وأخفه وأهونه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٢٠
ولما غيَّى ذلك بالبعث فتشوفت النفس إلى مل يكون بعده، وكان قد تقدم أن الناس - بعد أن كانوا أمة ةاحدة في الاجتماع على ربهم - تقطعوا قطعاً، وتحزبوا أحزاباً، وتعاضدوا بحكم ذلك وتناصروا، قال نافياً لذلك :﴿فإذا نفخ﴾ أي بأسهل أمر النفخة الثانية وهي نفخة النشور، أو الثالثة للصعق ﴿في الصور﴾ فقاموا من القبور أو من الصعق ﴿فلا أنساب﴾ وهي أعظم الأسباب ﴿بينهم﴾ يذكرونها يتفاخرون بها ﴿يومئذ﴾ لما دهمهم من الأمر وشغلهم من البأس ولحقهم من الدهش ورعبهم من الهول وعلموا من عدم نفعها إلا ما أذن الله فيه، بل يفر الإنسان من أقرب الناس إليه، وإنما أنسابهم الأعمال الصالحة ﴿ولا يتسألون*﴾ أي في التناصر لأنه انكشف لهم أن حكم إلا الله وأنه لا تغني نفس عن نفس شيئاً، فتسبب عن ذلك أنه لا نصرة إلا بالأعمال رحم الله بالتيسير لها ثم رحم بقبولها، فلذلك قال :﴿فمن ثقلت موازينه﴾ أي بالأعمال المقبولة، ولعل الجمع لأن لكل عمل ميزاناً يعرف أنه لا يصلح له غيره، وذلك أدل علىالقدرة ﴿فأولئك﴾ أي خاصة، ولعله جمع للبشارة بكثرة الناجي بعد أن أفرد الدلالة
٢٢٢


الصفحة التالية
Icon