ما فيها مبيناًأن تنويهاً للتعظيم بقوله :﴿أنزلناها﴾ أي بما لنا م نالعظمة وتمام العلم والقدرة ﴿وفرضناها﴾ أي قررناها وقدرناها وأكثرنا فيها من الفروض وأكدناها ﴿وأنزلنا فيها﴾ بشمول علمنا ﴿آيات﴾ من الحدود والحكام والمواعظ والأمثال وغيرها، مبرهناً عليها ﴿بينات﴾ لا إشكال فيها رحمة منا لكم، فمن قبلها دخل في دعوة نبينا ﷺ التي لقناه إياها في آخر تلك فرحمه خير الراحمين، ومن أباها ضل فدخل في التبكيت بقولنا ﴿ألم تكن آياتي تتلى عليكم﴾ [المؤمنون : ١٠٥] ونحوه، وذلك معى قوله :﴿لعلكم تذكرون*﴾ أي لتكونوا - إذا تأملتموها مع ما قبلها من الآيات المرققة والقصص المحذرة - على رجاء - عند من لا يعلم العواقب - من أن تتذكروا واو نوعاً من التذكر - كما أشار إليه الإدغام - بما ترون فيها من الحكم أن الذي نصبها لكم وفصلها إلى ما ترون لا يترككم سدى، فتقبلوا على جميع أوامره، وتنتهوا عن زواجره، ليغفر لكم ما قصرتم فيه من طاعته، ويرحمكم بتنويل ما لا وصول لكم إليه إلا برحمته، وتتذكروا أيضاً بما يبين لكم من الأمور، ويكشف عنه الغطاء من الأحكام التي اغمت عنها حجب النفوس، وسترتها ظلمات الأهوية - ما جبل عليه الآدميون، فتعلموا أن الذي تحبون أن يفعل معكم بحب غيركم أن تفعلوه معه، والذي تكرهونه من ذلك يكرهه غيركم، فيكون ذلك حاملاً لكم على النصفة فيثمر الصفاء، والألفة والوفاء، فتكونوا من المؤمنين المفلحين الوارثين الداخلين في دعوة البشير النذير بالرحمة.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٢٩


الصفحة التالية
Icon