ولما كان التقدير : فإنه من يتنكب عن طريقه يأت بالحسنى والمعروف، عطف عليه قوله :﴿من يتبع﴾ أى بعزم ثابت من غير أن يكون مخطئاً أو ناسياً ؛ وأظهر ولم يضمر لزيادة التنفير فقال :﴿خطوات الشيطان﴾ أي ويقتد به يقع في مهاوي الجهل الناشىء عنها كل شر ﴿فإنه﴾ أي الشيطان ﴿يأمر بالفحشاء﴾ وهي ما أغرق في القبح
٢٤٦
﴿والمنكر﴾ وهو ما لم يجوزه الشرع، فهو أولاً يقصد أعلى الضلال، فإن لم يصل تنزل إلى أدناه، وربما درج بغير ذلك، ومن المعلوم أن من اتبع من هذا سبيله عمل بعمله، فصار في غاية السفول، وهذا أشد في التنفير من إعادة الضمير في ﴿فإنه على من﴾ والله الموفق.
ولما كان التقدير : فلولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان مع أمره بالقبائح، عطف عليه قوله :﴿ولولا فضل الله﴾ أي ذي الجلال والإكرام ﴿عليكم﴾ أى بتطهير نفوسكم ورفعها عما تعشقه من الدنايا إلى المعالي ﴿ورحمته﴾ لكم بإكرامكم ورفعتكم بشرع التوبة المكفرة لما جرّ إليه الجهل من ناقص الأقوال وسفاف الأفعال ﴿ما زكى﴾ أي طهر ونما ﴿منكم﴾ وأكد الاستغراق بقوله :﴿من أحد﴾ وعم الزمان بقوله :﴿أبداً وكن الله﴾ أى بجلاله وكماله ﴿يزكي﴾ أى يطهر وينمي ﴿من يشاء﴾ من عباده، من جميع أدناس نفسه وأمراض قلبه، وإن كان العباد وأخلاقهم في الانتشار والكثرة بحيث لا يحصيهم غيره، فلذلك زكى منكم من شاء فصانه عن هذا الإفك، وخذل من شاء.


الصفحة التالية
Icon