ولما كان التقدير : فالله لا يمنعكم مما ينفعكم، ولا يضر غيركم، عطف عليه قوله :﴿والله﴾ أي الملك الأعظم ﴿يعلم﴾ في كل وقت ﴿ما تبدون﴾ وأكد بإعادة الموصول فقال :﴿وما تكتمون*﴾ تحذيراً من أن تزاحموا أحداً في مباح بما يؤذيه ويضيق عليه، معتلين بأصل الإباحة، أو يؤذن لكم في منزل فتبطنوا فيه الخيانه فإنه وإن وقع الاحتراز من الخونة بالحجاب فلا بد من الخلطة لما بني عليه الإنسان من الحاجة إلى العشرة، ولذلك اتصل به على طريق الاشتئناف قوله تعالى ؛ مقبلاً على أعلى خلقه فهماً وأشدهم لنفسه ضبطاً دون بقيتهم، إشارة إلى صعوبة الأمر وخطر المقام، مخوفاً لهم بالإعراض عنهم، بالتردي برداء الكبر، والاحتجاب في مقام القهر :﴿قل للمؤمنين﴾ فعبر بالوصفإشارة إلى عدم القدرة على الحتراز من المخالط بعد الخلطة، وأنه لا يعف فيها إلا من رسخ الإيمان في قلبه لخفاء الخيانة حينئذ بخلاف ما سبق في المنع من الدخول حيث كان التعبير بـ " الذين آمنوا " ﴿يغضوا﴾ أي يخفضوا ولا يرفعوا، بل يكفوا عما تهوا عنه، ولما كان الأمر في غاية العسر، قال :﴿من أبصارهم﴾ بإثبات من التبعيضية إشارة إلى العفو عن النظرة الأولى، وأن المأخوذ به إنما هو التمادي، ولما كان البصر يريد الزنى قدمه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٢٥٤


الصفحة التالية
Icon