ولما كلن التقدير : فالله ذو فضل عظيم، عطف عليه قوله :﴿والله﴾ أي ذو الجلال والإكرام ﴿واسع عليم*﴾ أي فهو بسعة قدرته يسوق م اكتبه للمرأة على يد الزوج، وبشمول علمه يسبب أسبابه، ولما أمر سبحانه بما يعصم من الفتنة من غض البصر ثم بما يحصن من النكاح، وجراً عليه بالوعد بالإغناء، وكان هذا الوعد فيما بعد النكاح، وقدم الكلام فيه ترغيباً للإنسان في التوكل والإحصان، وكان قلبه ما قد يتعذر لأجله إما
٢٦١
بعدم وجدان المهر وما يطلب منه تقديمه، أو بعدم رضى العبد وغيره يكون ولده رقيقاً أو غير ذلك، أتبعه قوله حاثاً على قمع النفس الأمارة عند العجز :﴿وليستعفف﴾ أى يبالغ في طلب العفة وإيجادها عن الحرام ﴿الذين لا يجدون نكاحاً﴾ أي قدرة عليه وباعثاً إليه ﴿حتى يغنيهم الله﴾ أي الذي له الإحاجة بجميع صفات الكمال ﴿من فضله﴾ في ذلك الذي تعذر عليهم النكاح بسببه.
ولما كان من جملة الموانع كما تقدم خوف الرق على الولد لمن له من الرقيق همة علية، ونفس أبية، أتبعه قوله :﴿والذين يبتغون﴾ أي يطلبون طلباً عازماً ﴿الكتاب﴾ أي المكاتبة ﴿مما ملكت أيمانكم﴾ ذكراً كان أو أنثى ؛ وعبر بـ " ما " إشارة إلى ما في الرقيق من نقص ﴿فكاتبوهم﴾ أي ندباً لأنه معاوضة تتضمن الإرفاق على ما يؤدونه إليكم منجماً، فإذا أدوه عتقوا ﴿إن علمتم فيهم خيراً﴾ أي تصرفاً صالحاً في دينهم ودنياهم لئلا يفسد حالهم بعد الاستقلال بأنفسهم ؛ قال ابن كثير : وروى أبو داود في كتاب المراسيل عن يحيى ابن كثير قال : قال رسول الله ﷺ :"إن علمتم فيهم حرفة ولا ترسلوهم كلاًّ على الناس" انتهى.
ولعله عبر بالعلم في موضع الظن لذلك ﴿وءاتوهم﴾ وجوباً إذا أدوا إليكم ﴿من مال الله﴾ أي لاذي عم كل شيء بنعمته، لأنه الملك العظم ﴿الذي آتاكم﴾ ولو بحط شيء من مال الكتابة.


الصفحة التالية
Icon