ولما تسبب عن إلقائهم السلم وتخليهم عمن عبدهم أنه لا نفع في أيديهم ولا ضر، قال :﴿فما تستطيعون﴾ أي المعبدون ﴿صرفاً﴾ أي لشيء من الأشياء عن أحد من الناس، لا أنتم ولا غيركم، من عذاب ولا غيره، بوجه حيلة ولا شفاعة ولا مفاداة ﴿ولا نصراً﴾ بمغالبة، وهو نحو قوله تعالى ﴿فلا يملكون كشف الضر عنكم ولا تحويلاً﴾ [الإسراء : ٥٦].
ولما كان التقدير : فمن يعل منكم لسماع هذا الوعظ بوضع العبادة في موضعها نثبه ثواباً جليلاً، عطف عليه ما المقام له فقال :﴿ومن يظلم منكم﴾ بوضعها في غير موضعها، وباعتقاده في الرسل ما لا ينبغي لهم أن يكونوا مثل الناس في أكل ولا طلب معيشة ونحو ذلك ﴿نذقه﴾ في الدنيا والآخرة، بما لنا من العظمة ﴿عذاباً كبيراً*﴾.
ولما أبطل سبحانه ما وصموا به رسوله ﷺ وذكر ما جزاهم عليه.
وما أعد لهم وله ولأتباعه، ونف ما زعموه في معبوداتهم وختمه بتعذيب الظالم، ذكر ما ظلموا فيه من قولهم ﴿ما لهذا الرسول﴾ ونحوه، فبين أن ما جعلوه من ذلك وصمة في حقه هو سنته سبحانه في الرسل من قبله أسوة لنوعهم البشري، وأتبعه سره فقال زيادة في التسلية والتعزية والتأسية :﴿وما أرسلنا﴾ بما لنا من العظمة.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٠٧


الصفحة التالية
Icon