ولما كانوا لشدة ضعفهم لا يكادون يسمحون بتسمية القرآن تنزيلاً فضلاً عن أن يسندوا إنزاله إلى الله سبحانه وتعالى، بنوا للمفعول في هذه الشبهة التي أوردها قولهم :﴿نُزِّل عليه﴾ ولما عبروا بصيغة التفعيل المشيرة إلى التدريج والتفريق استجلاباً للسامع لئلا يعرض عنهم، أشاروا إلى أن ذلك غير مراد فقالوا :﴿القرآن﴾ أي المقتضي اسمه للجمع ؛ ثم صرحوا بالمراد بقولهم :﴿جملة﴾ وأكدوا بقولهم :﴿واحدة﴾ أي من أوله إلى آخره بمرة، ليتحقق أنه من عند الله، ويزول عنا ما نتوهمه من أنه هو الذي يرتبه قليلاً قليلاً، فتعبيرهم بما يدل على التفريق أبلغ في مرادهم، فإنهم أرغبوا السامع في الإقبال على كلامهم بتوطينه على ما يقارب مراده، ثم أزالوا بالتدريج أتم إزالة، فكان فس ذلك من المفاجأة بالروعن والإقناط مما أمّل من المقاربة ما لم يكن في " أنزل " والله أعلم.