حتى لا يهلك نفسه اسفاً على فوت إيمان قومه ؛ ثم أتبع سبحانه ذلك بذكر الكتاب وعظيم النعمة به فقال ﴿وإنه لتنزيل رب العالمين نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون﴾ فيها له كرامة تقصر الألسن عن شكرها، وتعجز العقول عن تقديرها، ثم أخبر تعالى أنه ﴿بلسان عربي مبين﴾، ثم أخبر سبحانه بعلى أمر هذا الكتاب وشائع ذكره على ألسنة الرسل والأنبياء فقال :" وإنه لفي زبر الأولين " وأخبر أن على بني إسرائيل من أعظم آية وأوضح برهان وبينة، وأن تأمل ذلك كاف، واعتباره شاف، فقال :﴿أو لم يكن لهم آية أن يعلمه علماء نبي إسرائيل﴾ كعبد الله بن سلام وأشباهه، ثم وبخ تعالى متوقفي العرب فقال :﴿ول نزلنه على بعض الأعجمين﴾ - الآية، ثم أتبع ذلك بما يتعظ به المؤمن الخائف من أن كتاب - مع أن هدى ونور - قد يكون محنة في حق طائفة كما قال تعالى :﴿يضل به كثيراً ويهدي به كثيراً﴾ [البقرة : ٢٦]، ﴿وأما الذين في قلوبهم مرض فزادتهم رجساً إلى رجسهم﴾ [التوبة : ١٢٥] فقال تعالى في هذا المعنى ﴿كذلك سلكناه في قلوب المجرمين لا يؤمنون به حتى يروا العذاب الأليم﴾ الآيات، ثم عاد الكلام إلى تنزيه الكتاب وإجلاله عن أن تتسور الشياطين على شيء منه أو تصل إليه فقال سبحانه ﴿وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون﴾ أي ليسوا أهلاً له ولا يقدرون علىاستراق سمعه، بل هم معزولون عن السمع، مرجمون بالشهب، ثم وصى تعالى نبيه ﷺ - والمراد المؤمنون - فقال :﴿فلا تدع مع الله إلهاً آخر فتكون من المعذبين﴾ ثم أمره بالإنذار ووصاه بالصبر فقال :﴿وأنذر عشيرتك الأقربين واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين﴾ ثم أعلم تعالى بموقع ما توهموه، وأهلية ما تخيلوه، فقال :﴿هل أنبئكم عل من تنزل الشياطين تنزل على كل أفالك أثيم﴾ ثم وصفهم، وكل هذا تنزيه لنبيه ﷺ عما تقولوه، ثم هددكم وتوعدهم فقال :﴿وسيعلم الذين ظلموا أى منلقب ينقلبون﴾ - انتهى.