ولما كلم اللئيم الذميم الكليم العظيم بما رجا أن يكفه عن مواجهته بما يكره، ويرجعه إلى مداراته.
فلم يفعل، وفهم ما في جوابه هذا الأخير من الذم له والتعجيز، وإثبات القدرة التامة والعلم الشامل لله، بما دبر في أمر مسى عليهالسلام، وأنه لا ينهض لذلك بجواب ولا يحمد له فيه قول، عدل عنه إلى جوابه عن الرسالة بما يموه به أيضاً على قومه لئلا يرجعوا عنه، فأخبر تعالى عن محاورته في ذلك بقوله على طريق الجواب لمن كأنه قال : ما قال له جواباً لهذا الكلام، الذي كأنه السهام ؟ :﴿قال فرعون﴾ حائداً عن جواب موسى عليه السلام لما فيه من تأنيبه وتعجيزه.
منكراً لخالقه على سبيل التجاهل، كما أنكر هؤلاء الرحمن متجاهلين وهو أعرف الناس بغالب
٣٥٤
أفعاله، كما كان فرعون يعرف، لقول موسى عليه السلام ﴿لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض﴾ [الإسراء : ١٠٢] :﴿وما رب العالمين*﴾ أي الذي زعمت أنكما رسوله.
فسأل بـ " ما " عن حقيقته وإنما أراد في الحقيقة إنكاره.


الصفحة التالية
Icon