﴿قالوا لفرعون﴾ مشترطين الأجر في حال الحاجة إلى الفعل ليكون ذلك أجدر بحسن الوعد، ونجاح القصد ﴿أئِنَّ لنا لأجراً﴾ وساقوه مساق الاستفهام أدباً معه، وقالوا :﴿إن كنا﴾ أي كوناً نحن راسخون فيه ﴿نحن﴾ خاصة ﴿الغالبين*﴾ بأداة الشك مع جزمهم بالغلبة تخويفاً له بأنه إن لم يحسن في وعدهم لم ينصحوا له ؛ ثم قيل في جواب من كأنه سأل عن جوابه :﴿قال﴾ مجيباً إلى كا سألوه :﴿نعم﴾ أي لكم ذلك، وزادهم ما لا أحسن منه عند أهل الدنيا مؤكداً له فقالك ﴿وإنكم إذاً﴾ أى إذا غلبتم ﴿لمن المقربين *﴾ أي عندي، وزاد ﴿إذاً﴾ هنا زيادة في التأكيد لما يتضمن ذلك من إبعاده عن الإيمان من وضوح البرهان، تخفيفاً على المخاطب بهذا كله ﷺ، تسلية له في الحمل على نفسه أن لا يكون من يدعوهم مؤمنين، وما بعد ذلك من مسارعة السحرة للإيمان - بعد ما ذكر من إقسامهم بعزته بغاية التأكيد - تحقيق لآية ﴿فظلت أعناقهم لها خاضعين﴾.
ولما تشوف السامع إلى جواب نبي الله تعالى موسى عليه الصلاة والسلام أجيب بقوله :﴿قال لهم موسى﴾ عليه السلام، أى مريداُ لإبطال سحرهم لأنه لا يتمكن منه إلا بإلقائهم، لا لمجرد إلقائهم، غيرق مبال بهم في كثرة ولا علم بعد ما خيروه - كما في غير هذه السورة :﴿ألقوا ما أنتم ملقون*﴾ كائناً ما كان، ازدراء له بالنسبة إلى أمر الله ﴿فألقوا﴾ أي فتسبب عن قول موسى عليه السلام وتعقبه أن ألقوا ﴿حبالهم وعصيهم﴾ التي أعدوها للسحر ﴿وقالوا﴾ مقسمين :﴿بعزة فرعون﴾ مؤكدين بأنواع التأكيد ﴿إنا لنحن﴾ أى خاصة لا نستثني ﴿الغالبون*﴾ قول واثق من نفسه مزمع على أن لا يدع باباً من السحر يعرفه إلا أتى به، فكل من حلف بغير الله كأن يقول : وحياة فلان، وحق رأسه - ونحو ذلك، فهو تابع لهذه الجاهليه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٥٧


الصفحة التالية
Icon