ولما وصف افخراج، وصف أثره مرتباً عليه بالفعل وعلى الإيراث بالقوة :﴿فأتبعوهم﴾ أى جعلوا أنفسهم تابعة لهم ﴿مشرقين*﴾ أي داخلين في وقت شروق الشمس، أي طلوعها من صبيحة الليلة التي سار في نصفها بنو إسرائيل، ولولا تقدير العزيز العليم بخرق ذلك للعادة لم يكن على حكم العادة في أقل من عشرة أيام، فإنه أمر يعجز الملوك مثله، فيا له من حشر ما اسرعه! وجهاز ما أوسعه! واستمروا إلى أن لحقوهم عند بحر القلزوم كما تقدم في الأعراف شرح ذلك عن التوراة، وتقدم سر تسييرهم في تلك الطريق ﴿فلما تراءا الجمعان﴾ أي صارا بحيث يرى كل منهما الآخر ﴿قال أصحاب موسى﴾ ضعفاً وعجزاً استصحاباً لما كانوا فيه عندهم من الذل، ولأنهم أقل منهم بكثير بحيث يقال : إن طليعة آل فرعون كانت على عدد بني إسرائيل، وذلك محق لتقليل فرعون لهم، وكأنه عبر عنهم بـ " أصحاب " دون " بني إسرائيل " لأنه كان قد آمن كثير من غيرهم :﴿إنا لمدركون*﴾ أب لأنهم قد وصلوا ولا طريق لنا وقد صرنا بين سدين من حديد وماء، العدو وراءنا والماء أمامنا ﴿قال﴾ أى موسى عليه الصلاة والسلام وثوقاً بوعد الله، ثم علل ذلك تسكيناً لهم بقوله :﴿إن معي ربي﴾ فكأنهم قالوا : وماذا عساه يفعل وقد وصلوا ؟ قال :﴿سيهدين*﴾ أى بوعد مؤكد عن قرب، إلى ما
٣٦٤