أفعل مما فيه خلاصكم، وتقدم في براءة سر تقديم المعيةو خصوصها والتعبير باسم الرب ﴿فأوحينا﴾ أى فتسبب عن كلامه الدال على المراقبة أنا أحينا ؛ ونوه باسمه الكريم جزاء له على ثقته به سبحانه فقال :﴿إلى موسى﴾ وفسر الوحي الذي فيه معنى القول بقوله :﴿أن أضرب بعصاك البحر﴾ أي الذي أمامكم، وهو بحر القلزم الذي يتوصل أهل مصر منه إلى الطور وإلى مكة المشرفة وما والاها ﴿فانفلق﴾ أي فضربه فانشق بسبب ضربه لما ضربه امتثالاً لأمر الله وصار اثني عشر فرقاً على عدد أسباطهم ﴿فكان كل فرق﴾ أي جزء وقسم عظيم منه ﴿كالطود﴾ أي الجبل في إشراقه وطوله وصلابته بعدم السيلان ﴿العظيم*﴾ المتطاول في السماء الثابت لا يتزلزل، لأن الماء كان منبسطاً في ارض البحر، فلما انفرق وانكشف فيه الطرق انضم بعضه إلى بعض فاستطال وارتفع في السماء.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٦٤
ولما كان التقديرك فأدخلنا كل شعب منهم في طريق من تلك الطرق، عطف عليه :﴿وأزلفنا﴾ أي قربنا بعظمتنا من قوم موسى عليه السلام ؛ قال البغوي.
قال أبو عبيدة : جمعنا، ومنه ليلة المزدلفة، أي ليلة الجمع.
ولما كان هذا الجمع في غاية العظمة وعلو الرتبة، أشار إلى ذلك بأداة البعد فقال :﴿ثم﴾ أى هنالك، فإنها ظرف مكان للبعيد ﴿الآخرين*﴾ أى فرعون وجنوده ﴿وأنجينا موسى ومن معه﴾ وهم الذين اتبعوه من قومه وغيرهم ﴿أجمعين*﴾ أي لم نقدر على أحد منهم الهلاك.
ولما كان الإغراق بما به الإنجاء - مع كونه أمراً هائلاً - عجيباً وبعيداً عبر بأداة البعد فقال :﴿ثم اغرقنا﴾ أي إغراقاً هو على حسب عظمتنا ﴿الآخرين*﴾ أي فوعون وقومه اجمعين، لم يفلت منهم أحد.