ولما طلب سعادة الدنيان وكانت لا نفع لها إلا باتصالها بسعادة الآخرة التي هي الجنة، وكانت الجنة لا تنال إلا بمنه، لا بشيء من ذلك، ولذلك شبه إدخالها بالإرث الذي يحصل بغير اكتساب من الوارث وهو أقوى أسباب الملك، قال :﴿واجعلني﴾ أي مع ذلك كله بفضلك ورحمتك ﴿من ورثة جنة النعيم*﴾.
ولما دعا لنفسه، ثنى بأحق الخلق ببره فقال :﴿واغفر لأبي﴾ ثم علل دعاءه بقوله :﴿إنه كان﴾ في ايام حياته ﴿من الضالين*﴾ والظاهر أن هذا كان قل معرفته بتأييد شقائه، ولذلك قال :﴿ولا تخزني﴾ أي تهني بموته على ما يوجب دخوله النار ولا بغير ذلك ﴿يوم يبعثون*﴾ أى هؤلاء المنكرون للبعث، وكأن هذا الدعاء كان
٣٧٠
بحضورهم في الإنكار عليهم في عبادة الأصنام، والظاهر أن تخصيص الدعاء بأبيه لأن أمه كانت آمنت كما ورد عن.
فقد صح أنه يقول يوم القيامة : يا رب! إنك وعدتني ألا تخزيني، أيّ خزي أخزي من أبي الأبعد، فيبدل الله صورة أبيه صورة ذيخ ثم يلقي به في النار - كما رواه البخاري في غير موضع عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأن الله تعالى يقول له :"إني حرمت الجنة عل الكافرين" ولو كانت أمة كافرة لسأله فيها.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٦٨


الصفحة التالية
Icon