ولما كان إغراقهم كلهم من الغرائب عظمه بأداة البعد - ومظهر العظمة فقال :﴿ثم أغرقنا بعد﴾ أي بعد حمله الذي هو سبب إنجائه ﴿الباقين*﴾ أي من بقي على الأرض ولم يركب معه في السفينة على قوتهم وكثرتهم، وكان ذلك علينا يسيراً.
٣٧٦
ولما كان ذلك أمراً باهراً، عظمه بقوله :﴿إن في ذلك﴾ أي الأمر العظيم من الدعاء والإمهال ثم الإنجاء والإهلاك ﴿لآية﴾ أي عظيمة لمن شاهد ذلك أو سمع به، على أنا ننتقم ممن عصانا، وننجي من أطاعنا، وأنه لا أمر لأحد معنا فيهديه إلى الإيمان، ويحمله على الاستسلام والإذعان ﴿وما﴾ أى والحال أنه ما ﴿كان أكثرهم﴾ أي أكثر العالمين بذلك ﴿مؤمنين*﴾ وقد ينبغي لهم إذ فاتهم الإيمان لمحض الدليل أن يبادروا إليه ويركبوا معه حين رأوا أوائل العذاب أو بعد أن ألجمهم الغرق ﴿وإن ربك﴾ المحسن إليك بإرسالك، وتكثير أتباعكن وتعظيم أشياعك ﴿لهو العزيز﴾ أي القادر بعزته على كل من قسرهم على الطاعة، وإهلاكهم في أول أوقات المعصية ﴿الرحيم*﴾ أي الذي يخص من يشاء من عباده بخالص ودتده، ويرسل إلى الضالينعن محجة العقل القويمة الرسل لبيان ما يجب وما يكره، فلا يهلك إلا بعد البيان الشافي، والإبلاغ الوافي.


الصفحة التالية
Icon