فقال :﴿فأصبحوا ندامين*﴾ أي على عقرها لتحقق العذاب ؛ واشار إلى أن ذلك الندم لا على وجه التوبة أو أنه عند رؤية البأس فلم ينفع، فإنه نقل عنهم أنه أتاهم العذاب العذاب وهو يحاولون أن يقتلوا صالحاً عليه السلام، بقوله :﴿فأخذهم العذاب﴾ أى المتوعد به.
٣٨٢
ولما كان في الناقة وفي حلول المخايل كما تقدم أعظم دليل على صدق الرسول الداعي إلى الله قال :﴿إن ف ذلك لآية﴾ أى دلالة عظيمة على صحة ما أمروا به عن الله، ﴿وما﴾ أي والحال أنه مع ذلك ما ﴿كان أكثرهم مؤمنين*﴾.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٨٢
ولما كان ربما توهم أنه سبحانه غير متصف بالعزة لعدم قسرهم على الإيمان، أو بالرحمة لإهلاكهم، قال :﴿وإن ربك لهو العزيز﴾ أى فلا يخرج شيء من قبضته وإرادته، وهو الذي أراد لهم الكفر ﴿الرحيم*﴾ في كونه لم يهلك أحداً حتى ارسل إليهم رسولاً فبين لهم ما يرضاه سبحانه وما يسخطه، وابلغ في إنذارهم حتى اقام الحجة من علم منه الخير لما يرضيه، فيتسبب عن ذلك سعادتهن وفي تكريره سبحانه هذه الآية آخر كل قصة على وجه التأكيد وإتباعها ما دلت عليه من كفر من أتى بعد أصحابها.
من غير اتعاظ بحالهم، ولا نكوب عن مثل ضلالهم، خوفاً من نظير نالكهم، أعظم تسلية لهذا النبي الكريم، وتخويف لكل عليم حليم، واستعطاف لكل ذي قلب سيلم، ولذلك قال واصلاً بالقصة :﴿كذبت﴾ أى دأب نمتقدم كأنهم تواصوا به ﴿قوم لوط المرسلين*﴾ لأن من كذب رسولاً - كما مضى - فقد كذب الكل، لتساوي المعجزات في الدلالة على الصدق.
وقد صرحت هذه الآية بكفرهم بالتكذيب.


الصفحة التالية
Icon