إشارة إلى أنه غريب عندهم، وأن عادتهم المستمرة نفي من اعتراض عليهمن وكان قصدهم بذلك أن يكونوا هم المتولين لإخراجه إهانة له للاستراحة منه، فكان إخراجه، لكن إخراج إكرام للاستراحة منهم والنجاة من عذابهم بتولي الملائكة الكرام ﴿قال﴾ أى جواباً لهم :﴿إني﴾ مؤكداً لمضمون ما يأتي به ﴿لعملكم﴾ ولم يقلك قال بل زاد في التأكيد بقوله :
٣٨٤
﴿من القالين*﴾ أي المشهورين ببغض هذا العمل الفاحش، العريقين في هذا الوصف، المذكورين بين الناس بمنابذة من يفعله، لا يردني عن إنكاره تهديدكم لي بإخراج ولا غيره، والقلاءك بغض شديد كأنه يقلي الفؤاد.
ولما بادأهم هذا الذي من شانه الإفضاء إلى الشرن اقبل على من يفعل ذلك لأجله، وهو القادر على كل شيء العالم بكل شيء، فقال :﴿رب نجني وأهلي مما﴾ أي من الجزاء الذي يلحقهم لما ﴿يعملون*﴾.
ولمااقبل سبحانه وتعالى دعاءه، أشار إلى ذلك بقوله :﴿فنجيناه وأهله﴾ مما عذبناعهم به بإخراجنا له من بلدهم حين ستخفافهم له، ولم يؤخره عنهم إلى حين خروجه إلا لأجله، وعين سبحانه المراد مبيناً أن أهله كثير بقوله :﴿أجمعين*﴾ أي أهل بيته والمتبعين له على دينه ﴿إلا عجوزاً﴾ وهي امرأته، كائنة ﴿في﴾ حكم ﴿الغابرين*﴾ أي الماكثين الذي تلحقهم الغبرة بما يكون من الجاهية فإننا لن ننجها لقضائنا بذلك في الأزل، لكونها لم تتابعه في الدين، وكان هواها مع قومها.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٨٣
ولما ذكر نجاته المفهمة لهلاكهم، صرح به على وجه هوله بأداة التراخي لما علم غير مرة أنه كان عقب خروجه، لم يتخلل بينهما مهلة فقال :﴿ثم دمرنا﴾ أي أهلكنا هلاكاً بغتة صلباً اصمّ في غاية النكد، وما أحسن التعبير عنهم بلفظ ﴿الآخرين*﴾ لإفهام تأخرهم من كل وجه.


الصفحة التالية
Icon