ولما كانوا أهل بدو وكان هو عليه السلام قروياً، قال :﴿شعيب﴾ ولم يقل : أخوهم، إشارة إلى أنه لم يرسل نبياً إلا من أهل القرى، تشريفاً لهم لأن البركة والحكمة في الاجتماعن ولذلك نهى النبي ﷺ عن التعرب بعد الهجرة، وقال :"من يرد الله به خيراً ينقله من البادية إلى الحاضرة" ﴿ألا تتقون*﴾ أى تكونون من أهل التقو، وهو مخافة من الله سبحانه وتعالى.
ولما كان كأنه قيل : ما لك ولهذا ؟ قال :﴿إني﴾ واشار إلى تبشيرهم إن أطاعوه بقوله :﴿لكم رسول﴾ أي من الله، فهو أمرني أن أقول لكم ذلك ﴿أمين*﴾ أي لا غش عندي ولا خداع ولا خيانه، فلذلك ابلغ جميع ما ارسلت به، ولذلك سبب عنه قوله :﴿فاتقوا الله﴾ أي المستحق لجميع العظمة، وهوالمحسن إليكم بهذه الغيضة وغيرها ﴿وأطيعون*﴾ أى لما ثبت من نصحي.
ولا قدم ما هو المقصودبالذات.
عطف على خبر ﴿إن﴾ قوله :﴿وما أسئلكم عليه من أجر﴾ نفياً لما ينفر عنه ؛ ثم زاد في البراءة مما يوكس من الطمع في أحد من الخلق فقال :﴿إن﴾ أى ما ﴿أجري إلا على رب العالمين*﴾ أى المحسن إلى الخلائق كلهم، فأنا لا أرجوا أبداً أحداً يحتاج إلى الإحسان إليه، وإنما أعلق أملي بالمحسن الذي
٣٨٦
لا يحتاج إلى أحدن وكل أحد سائل من رفده، وآخذ من عنده ولقد اتضح أن الرسل متطابقون في الدعوة في الأمر بالتقوى والطاعة والإخلاص في العبادة، مع النصح والعفة، والأمانة والخشية والمحبسة.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٨٥
ولما كان كأنه قيل : ما الذي تنعى فيه ؟ قال : مبيناً أن داءهم حب المال، المفصي لهم إلى سوء الحال، ﴿أوفوا الكيل﴾ أي أتموه إتماماً لا شبهة فيه إذا كلتم كما توفونه إذا اكتلتم لأنفسكم.


الصفحة التالية
Icon