فاختار ﷺ الصبر عليهم ليدخلهم الله باب الرحمة.
٣٩٧
ولما كانت النذارة إنما هي للمتولين، أمر بضدها لأضدادهم فقال :﴿واخفض جناحك﴾ أي لن غاية اللين، وذلك لأن الطائر إذا أراد أن يرتفه رفع جناحيه، فإذا اراد أن ينحط كسرهما وخفضهما، فجعل ذلك مثلاً في التواضع ﴿لمن اتبعك﴾ ولعله احترز بالتعبير بصيغة الافتعال عن مثل أبي طالب ممن لم يؤمن أو آمن ظاهراً وكان منافقاً أو ضعيفاً بالإيمان فاسقاً ؛ وحقق المراد بقوله :﴿من المؤمنين*﴾ أي الذين صار الإيمان لهمصفة راسخة سواء كانوا من الأقربين أو الأبعدين.
ولما أفهم ذلك أن هذا الحكم عام في جميع أحوالهم، فصل بقوله :﴿فإن عصوك﴾ أي هم فغيرهم من باب الأولى ﴿فقل﴾ أى تاركاً لكا كنت لما كنت تعاملهم به حال الإيمان من اللين :﴿إني بريء﴾ أي منفصل غاية الانفصال ﴿مما تعملون*﴾ أي من العصيان الذي أنذر منه القرآن، وخص المؤمنين إعلاء لمقامهم، بالزيادة في إكرامهم، ليؤذن ذلك المزلزل بالعلم بحاله فيحثه ذلك على اللحاق بهم.


الصفحة التالية
Icon