ولما بين سبحانه أن القرآن مناف لأقوال الشياطين، وبين أن حال النبي ﷺ وحال أتباعه منافية لأحوالهم وأحوال من يأتونه من الكهان بما ذكره سبحانه من فعله ﷺ وفعل أشياعه رضي الله عنهم منالإقبال على الله، والإعراض عما سواه، فعلم أن بينهم وبينهم بوناً بعيداً، وفرقاً كبيراً شديداً وأن حال النبي ﷺ موافق لحال الروح الأمين، النازل عليه بالذكر الحكيم، تشوفت النفس إلى معرفة أحوال إخوان الشياطين، مقال محركاً لمن يريد ذلك، متمماً لدفع اللبس عن كون القرآن من عند الله، وفرق بين الآيات المتكلفة بذلك تطرية لذكرها وتنبيهاً على تأكيد أمرها :﴿هل أنبئكم﴾ أي أخبركم خبراً جليلاً نافعاً في الدين، عظيم الجدوى في الفرقان بين أولياء الرحمن وإخوان الشيطان ﴿على من تنزل﴾ وتردد ﴿الشياطين*﴾ حين تسترق السمع على ضرب من الخفاء بما آذن به حذف التاء، ودخل حرف الجر على الاسم المتضمن للاستفهام، لأن معنى التضمن أنه كان أصله : أمن، فحذفت منه الهمزة حذفاً مستمراً كما فعل في " هل " لأن أصله " أهل " كما قال :
سائل يربوع بشدتنا أهل رأونا بسفح القاع ذي الأكم
فالاستفهام مقدر الجار - أفاده الزمخشري.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٣٩٨


الصفحة التالية
Icon