ولما كان وصف الإيمان خفياً، وصفهم بما يصدقه من الأمور الظاهرة فقال :﴿الذين يقيمون الصلاة﴾ أي بجميع حدودها الظاهرة والباطنة من المواقيت والطهارات والشروط والأركان والخشوع والخضوع والمراقبة والإحسان إصلاحاً لما بينهم وبين الخالق.
ولما كان المقصود الأعظم من الزكاة إنما هو التوسعة على الفقراء قال :﴿ويؤتون الزكاة﴾ أي إحساناً فيما بينهم وبين الخلائق.
ولما كان الإيمان بالبعث هو الجامع لذلك واغيره من سائر الطاعات، ذكره معظماً لتأكيده، فقال معلماً بجعله حالاً غلاأنه شرط لما قبله :﴿وهم﴾ أى والحال أنهم.
ولما كان الإيمان بالبعث هو السبب العظم للسعادة وهو محط للحكمة، عبر فيه
٤٠٧
بما يقتتضي الاختصاص، لا للاختصاص بل للدلالة على غاية الرسوخ في الإيمان به، فقال :﴿بالاخرة هم﴾ أي المختصون بأنهم ﴿يوقنون*﴾ أي يوجدون الإيقان حق الإيجاد ويجددونه في كل حين بما يوجد منهم من الإقدام على الطاعة، والإحجام عن المعصية.
ولما أفهم التخصيص أن ثم من يكذب بها وكان أمرها مركوزاً في الطباع، لما عليها من الأدلة الباهرة في العقل والسماع، تشوفت نفس السامع على سبيل التعجب إلى حالهم، فقال مجيباً له مؤكداً تعجيباً ممن ينكر ذلك :﴿إن الذين لا يؤمنون﴾ أي يوجدون الإيمان ويجددونه ﴿بالآخرة زينا﴾ أي بعظمتنا التي لا يمكن دفاعها ﴿لهم أعمالهم﴾ أي القبيحة، حتى أعرضوا عن الخوف من عاقبتها مع ظهور قباحتها، والإسناد إليه سبحانه حقيقي عند أهل السنة لأنه الموجد الحقيقي، وإلى الشيطان مجاز سببي ﴿فهم﴾ أي فتسبب عن ذلك أنهم ﴿يعمهون*﴾ أي يخطبون خبط نم لا بصيرة له اصلاً ويترددون في أودية الضلال، ويتمادون في ذلك، فهم كل لحظة في خبط جديد، بعمل غير سديد ولا سعيدن فإن العمه التحير والتردد كما هو حال الضال.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٠٥


الصفحة التالية
Icon