ولما كانت عليه التولية مشتركة بين معان، بين المراد بقوله :﴿مدبراً﴾ أى التفت هارباً منها مسرعاً جداً لقوله :﴿ولم يعقب﴾ أى لم يرجع على عقبه، ولم يتردد في الجد في الهرب، ولم يلتفت إلى ما وراءه بعد توليته، يقال : عقب عليه تعقيباً، أى كر، وعقب في الأمر تعقيباً : تردد في طلبه مجداً - هذا في ترتيب المحكم.
وفي القاموس : التعقيب : الالتفات.
وقال القزاز في ديوانه : عقب - إذا انصرف راجعاً فهو معقب.
٤١١
ولما تشوفت النفس إلى ما قيل له عند هذه الحالة، أجيبت بأنه قيل له :﴿يا موسى لا تخف﴾ ثم علل هذا النهي بقوله، مبشراً بالأمن والرسالة :﴿أني لا يخاف لديّ﴾ أي في الموضع الذي هو من غرائب نواقض العادات، وهي وقت الوحي ومكانه ﴿المرسلون*﴾ أي لأنهم معصمون من الظلم، ولا يخاف من الملك العدل إلا ظالم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٠٨