ولما كان ربما وقع في وهم أن هذه الآفة، قال :﴿من غير سوء﴾ أي برص ولا غيره من الآفات، آية أخر كائنة ﴿في﴾ جملة ﴿تسع آيات﴾ كما تقدم شرحها في سورة الإسراء وغيرها، منتهية على يدك برسالتي لك ﴿إلى فرعون وقومه﴾ أي الذين هم أشد أهل هذا الزمان قياماً في الجبروت والعدوان ؛ ثم عللل إرساله إليهم بالخوارق بقوله :﴿إنهم كانوا﴾ أي كوناً كأنه جبلة لهم ﴿قوماً فاسقين*﴾ أي خارجين عن طاعتنا لتردهم إلينا.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤١٢
ولماكان التقدير : فأتاهم كماأمرناهم فعاندوا أمرنا، قال منبهاً علىذلك، دالاً بالفاء على سرعة إتيانه إليهم امتثالاً لما أمر به :﴿فلما جاءتهم آياتنا﴾ أي على يده ﴿مبصرة﴾ أي سبب الإبصار لكونها منيرة ظاهرة جداً، فهي هادية لهم إلى الطريق الأقوم هداية النور لمن يبصر، فهو لا يخطىء شيئاً ينبغي أن ينتفع به ﴿قالوا هذا سحر﴾ أي خيال لا حقيقة له ﴿مبين*﴾ أى واضح في أنه خيال ﴿وجحدوا﴾ أي أنكروا عالمين ﴿بها﴾ أي أنكروا كونها ىيات موجبات لصدقه مع علمهم بإبطالهم لأن الجحود الإنكار مع العلم.
ولما كان الجحد معناه إنكار الشيء مع العلم به، حقق ذلك بقوله :﴿واستيقنتها﴾ أي والحال أنهم قد طلبوا الوقوف على حقائق أمرها حتى تيقنتها في كونها حقاًَ ﴿أنفسهم﴾ وتخلل علمها صميم عظامهم، فكانت ألسنتهم مخالفة لما في قلوبهم، ولذلك أسند الاستيقان إلى النفس.
ثم علل حجدهم ووصفهم لها بخلاف وصفها فقال :﴿ظلماً وعلواً﴾ أي إرادة وضع الشيء في غير حقه، والتكبر على الآتي به، تلبيساً على عباد الله.