ثم قال على سبيل الاستئناف إقامة لسياسة الملك ما يدل أيضاً على عظمته، قالوا : إنه يرى الماء في الأرض كما يرى الإنسان الماء من داخل الزجاج فينقر الأرض فتأتي الشياطين فتستخرجه :﴿لأعذبنه﴾ أي بسبب غيبته فيما لم آذن فيه ﴿عذاباً شديداً﴾ أي مع إبقاء روحه تأديباً له وردعه لأمثاله ﴿أو لأذبحنه﴾ أي تأديباً لغيره ﴿أو ليأتيني﴾ أي ليكونن أحد هذه الثلاثة الأشياء، أو تكون ﴿أو﴾ الثانية بمعنى إلا أن فيكون المعنى : ليكونن أحد الأرمرين : التعذيب أو الذبح : إلا أن يأتيني ﴿بسلطان مبين*﴾ أي حجة واضحة في عذره، فكأنه مكث بعد الحلف بالتهديد زماناً قريباً ﴿غير بعيد﴾ من زمان التهديد، وأتى خوفاً منهيبة سليمان عليه السلام، وقياماً بما يجب عليه من الخدمة، قرأه عاصم وروح عن يعقوب بفتح الكاف على الأغلب في الأفعال الماضية، وضمه الجماعة إشارة إلى شدة الغيبة عن سليمان عليه السلام ليوافق إفهام جركة الكلمة ما أفهمه تركيب الكلام ﴿فقال﴾ عقب إتيانه مفخماً للشأن ومعظماً لرتبة العلم ودافعاً لما علم أنه أضمر من عقوبته :﴿أحطت﴾ أي علماً ﴿بما لم تحط به﴾ أي أنت من اتساع علمك وامتداد ملكك، والإحاطة : العلم بالشيء من جميع جهاته، وفي هذه المكافحة التنبيه على أن أضعف الخلق قد يؤتي مالا يصل إليه أقواهم لتتحاقر إلى العلماء علومهم ويردوا العلم في كل شيء إلى الله، وفيه إبطال لقول الرافضة : إ، الإمام لا يخفى عليه شيء، ولا يكون في زمانه من هو أعلم منه.
٤١٩