ولما كانت اقصة في بيان علمه سبحانه السابق لعلم الخلائق المستلزم للحكمة، وصفه بما يقتضي ذلك فقال :﴿الذي يخرج الخبء﴾ وهوالشيء المخبوء بالفعل المخفي في غيره، وهو ما وجد وغيب عن الخلق كالماء الذي في بطن الأرض، أو بالقوة وهو ما لم يوجد أصلاً، وخصه بقوله :﴿في السماوات والأرض﴾ لأن ذلك منتهى مشاهدتنا، فننظر ما يتكون فيهما بعد أن لم يكن من سحاب ومطر ونبات وتوابع ذلك من الرعد والبرق وغيرهما، وما يشرق من الكواكب ويغرب - إلى غير ذلك من الرياح، والبرد والحر، الحركة والسكون، والنطق والسكوت، وما لا بحصيه إلا الله تعالى، والمعنى أنه يخرج ما هو في عالم الغيب فيجعله في عالم الشهادة.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٢٠
ولما كان ذلك قد يخص بما لم يضمر في القلوب كالماء الذي كان يخرجه الهدهد وكان ذلك قد يعرف بأمارات، وكان ما تضمره القلوب أخفى، قال :﴿ويعلم ما يخفون﴾ ولما كان هذا مستزماً لعلم الجهر، وكان التصريح ما ليس لغيره من المكنة والطمأنينة، مع أن الإعلان ربما كان فيه من اللغط واختلاط الأصوات ما يمنع المستمع من العلم، قال :﴿وما يعلنون*﴾ أي يظهرون.
ولما كام هذا الوصف موجباً لأن يعبد سبحانه وحده، صرح بما يقتضيه في قوله ؛
٤٢١