ولما كان لكتب الله من العظمة ما لا يحيطه إلا الله، اشار إلى ذلك بتنكير ما لهذا الذي يفعل مثل هذا الخارق العظيم من ذلك فقال :﴿علم﴾ تنبيهاً على أنه اقتدر على ذلك بقوة العلم ليفيد ذلك تعظيم العلم والحث على نعلمه، وبين أن هذا الفضل إنما هو للعم الشرعي فقال :﴿من الكتاب﴾ أي الذي لا كتاب في الحقيقة غيره، وهو المنسوب إلينا، وكأنه الذي كان شهيراً في ذلك الزمان، ولعله التوراة والزبور، إشارة إلى أن من خدم كتاباً حق الخدمة كان الله - تعالى كما ورد في شرعنا - سمعه الذي
٤٢٦
يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، أي إنه يفعل له ما يشاء، وقيل في تعيينه إنه آصف بن برخياً وكان صديقاً عالماً :﴿أنا آتيك به﴾ وهذا أظهر في كونه اسم فاعل لأن الفعل قارن الكلام ؛ وبين فضله على العفريت بقوله :﴿قبل أن يرتد﴾ أي يرجع ﴿إليك طرفك﴾ أي بصرك غذا طرفت بأجفانك فأرسلته إلى منتهاه ثم رددته ؛ قال القزاز : طرف العين : امتداد بصرها حيث ادرك، ولذلك يقولون : لا أفعل ذلك ما ارتد إليّ طرفي، أي ما دمت أبصر، ويقال : طرف الرجل يطرف - إذا حرك جفونه، وقيل : الطرف اسم لجامع البصر لا يثنى ولا يجمع.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٢٤
وبين تصديق فعله لقوله أنه استولىعليه قبل أن يتحكم منه العفريت فبادر الطرف إحضاره كما أشار إليه قوله تعالى :﴿فلنا رآه﴾ أى العرش.


الصفحة التالية
Icon