نبات، أو أن تخرق ذلك الحابس بما لها من قوة الجري وشدة النفوذ بلطافة السريان، لأن من عادة المياه التخلل بين أطباق التراب والتغلغل بما لها من اللطافة والرقة، والثقل في الأعماق ولو قليلاً قليلاً، وكان سبحانه قد سد ما بين البحرين : الرومي والفارسي، وكان ما بينهما من الأرض إنما هو يسير جداً في بعض المواضع، وكان بعض مياه الأرض عذباً، وبعضه ملحاً، معالقرب جداً من ذلك العذب، سالهم - تنبيهاً لهم على عظيم القدرة - عن الممسك لعدوان أحدهما على آخر، ولعدوان كل من خليجي الملح على ما بينهما لئلا يخرقاه فيتصلا فقال :﴿وجعل بين البحرين حاجزاً﴾ أى يمنع أحدهما أن يصل إلى الآخر.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٣٦
ةولماكان من المعلوم أنه اللع وحده.
ليس عند عاقل شك في ذلك، كرر الإنكار في قوله :﴿إله مع الله﴾ أي المحيط علماً وقدرة.
ولما كان الجواب الحق قطعاً : لا، وكان قد أثبت لهم في الإضراب الأول علماً من حيث الحكم على المجموع، وكان كل منهم يدعي رجحان العقل، وصفاء الفكر، ورسوخ اقدم في العلم بما يدعيه العرب، قال :﴿بل أكثرهم﴾ أى الخلق الذين ينتفعون بهذه المنافع ﴿لا يعلمون*﴾ أي ليس لهم نوع من العلم، بل هم كالبهائم لإعراضهم عن هذا الدليل الواضح.


الصفحة التالية
Icon