ولما كان المراد الاسترشاد للاعتقاد، والرجوع عن الغي والعناد، لكون السياق له، لا مجرد التهديد، قال ﴿فانظروا﴾ بالفاء المقتضية للإسراع، وعظم المأمور بنظره بجعله أهلاً للعناية به، والسؤال عنه، فقال :﴿كيف كان﴾ أي كوناً هو في غاية امكنة ﴿عاقبة للمجرمين*﴾ أي القاطعين لما أمر الله به أن يوصل من الصلاة التي هي الوصلة بين الله وين عباده، والزكاة التي هي وصلة بين بعض العباد وبعض، لتكذيبهم الرسل الذين هم الهداة إلى ما لا تستقل به العقول، فكذبوا بالآخرة التي ينتج التصديق بها كل هدى، ويورث التكذيب بها كل عمى - كما تقدمت الإشارة إليه في اقتتاح السورة، فإنكم إن تظرتم ديارهم، وتأملتم أخبارهم، حق التأمل، أسرع بكم ذلك إلى التصديق فنجوتم وإلا هلكتم، فلم تضروا إلا أنفسكم، وقد تقدم لهذا مزيد بيان في النحل.
ولما دهم النبي ﷺ من الأسف على جلافتهم في عماهم عن السبيل، الذي هدى إليه الدليل، ما لا يعلمه إلا الله قال :﴿ولا تحزن عليهم﴾ أي في عدم إيمانهم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٤٧


الصفحة التالية
Icon