وكان الوجه محل ظهور الحياء والانكسار، لظهور الحجة، وكانوا قد حدقوا الأعين جلادة وجفاء عند العناد، وأظهروا في الوجوه التجهم والعبوس والارتداد، بدع قوله بناء على ما تقديره بما دل عليه الاحتباك : وهم من فزع يومئذ خائفون، وليس لهم إلا مثل سيئتهم :﴿هل﴾ أي مقولاً لهم : هل ﴿تجزون﴾ أي بغمس الوجوه في النار ؛ وبني للمفعول لأن المرغب المرهب الجزاء، لا كونه من معين، وإشارة إلى أنه يكون بأيسر أمر، لأن من المعلوم أن المجازي هو الله لا غيره ﴿إلا ما كنتم﴾ أي بما هو لكم كالجبلة ﴿تعلمون*﴾ أي تكررون عمله وأنتم تزعمون أنه مبني على قواعد العلم بحيث يشهد كل من رآه أ، ه مماثل لأعمالكم سواء بسواء، وهو شامل أيضاً لأهل القسم الأول، والآية من الاحتباك : ذكر الخيرية والأمن أولاً دليلاً على حذف المثل والخوف ثانساً، والكب في النار ثانياً دليلاً على الإكرام عنه أولاً.
٤٥٦
ولما أتم الدين بذكر الأصول الثلاثة : المبدأ والمعاد والنبوة، ومقدمات القيامة وأحوالها، وبعض صفتها وما يكون من أهوالها، وذلك كمال ما يتعلق بأصول الدين على وجوه مرغبة أتم ترغيب، مرهبة أعظم ترهيب، أوجب هذا الترغيب والترهيب لكل سامع أن يقول : فما الذي نعمل ومن نعبد ؟ فأجابه المخاطب بهذا الوحي.