هيبته ﴿الرحمن﴾ الذي عم بنعمة البيان، حتى أهل الكفران الرحيم الذي خص بنعمة ما بعد البعث أهل الإيمان.
لما ختم تلك بالوعد المؤكد بأنه يظهر آياته فتعرف، وأنه ليس بغافل عن شيء، تهديداً للظالم، وتثبيتاً للعالم، وكان من الأول ما يوحيه في هذه من الأساليب المعجزة من خفايا علوم أهل الكتاب، فلا يقدرون على رده، ومن الثاني ما صنع بفرعون وآله، قال أول هذه :﴿طسم*﴾ مشيراً بالطاء المليحة بالطهر والطيب إلى خلاص بني إسرائيل بعد طول ابتلائهم المطهر لهم عظيم، وبالسين الرامزة إلى السمو والسنا والسيادة إلى أن ذلك يكون بمسموع من الوحي في ذي طوى من طور سيناء قديم، وبالميم المهيئة للملك والنعمة إلى قضاء من الملك العلى بذلك كله تام عميم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٦٠
ولما كانت هذه إشارات عالية، وما بعدها لزوم نظوم لأوضح الدلالات حاوية، قال مشيراً إلى عظمتها :﴿تلك﴾ أي الآيات العالمية الشأن ﴿آيات الكتاب﴾ أي المنزل على قلبك، الجامع لحميع المصالح الدنيوية والأخروية ﴿المبين*﴾ أى الفاصل الكاشف الموضح المظهر، لأنه من عتندنا من غير شك، ولكل ما يحتاج إليه من ذلك وغيره، عند من يجعله من شأنه ويتلقاه بقبول، ويلقي إليه السمع وهو شهيد ؛ ثم اقام الدليل على إبانته.
وأنه يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم يختلفون/ بما أورد هنا في قصة موسى عليه الصلاة والسلام من الدقائق التي قل من يعلمها من حذاقهم، على وجه معلم بما انتقم به نم فرعون وآله، ومن لحق بهم كقارون، وأنعم به على موسى عليه السلام وأتباعه، ولذلك بسط فيها أمور القصة ما لم يبسط في غيرها فقال :﴿نتلوا﴾ أي نقص قصاً متتابعاً متوالياً بعضه في أثر بعض ﴿عليك﴾ بواسطة جبريل عليه الصلاة والسلام.