فهلا تأملتم عاقبة الفريقين، وسلكتم أنهج الطريقين ؟ ﴿أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم﴾ - إلى قوله :﴿فما أغنى عنهم ما كانوا يكسبون﴾ فلو تأملتم ذلك لعلمتم أن العاقبة للتقوى، فقال سبحانه بعد افتتاح السورة إن فرعون علا في الأرض، ثم ذكر من خبره ما فيه عبرة، وذكر سبحانه آياته الباهرة في أمر موسى عليه السلام وحفظه ورعايته وأخذ أم عدوه إياه ﴿عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً﴾ فلم يزل يذبح الأبناء خيفة من مولود يهتك ملكه حتى إذا كان ذلك المولود تولي بنفسه تربيته وحفظه وخدمته ليعلم لمن التدبير والإمضاء، وكيف نفوذ شابق الحكم والقضاء، فهلا سألت قريش وسمعت وفكرت واعتبرت ﴿أولم تاتهم بينة ما في الصحف الأولى﴾ ثم أتبع عليه السلام في ذلك الخروج من عظيم السعادة، وفي ذلك منبة لرسول الله ﷺ على خروجه من مكة ةتزية له وإعلام بأنه تعالى سيعيده إلى بلده ويفتحه عليه، وبهذا المستشعر من هنا صرح آخر السورة في قوله تعالى :﴿إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد﴾ وهذا كاف فيما قصد - انتهى.
ولما كان كأنه قيل : ما هذا المقصوص من هذا النبأ ؟ قال :﴿إن فرعون﴾ ملك مصر الذي ادعى الإلهية ﴿علا﴾ أي بادعائه الإلهية وتجبره على عباد الله وقهره لهم ﴿في الأرض﴾ أي لأنا جمعنا عليه الجنود فكانوا معه إلباً واحداً فأنفذنا بذلك كلمتهن وهي وأن كان المراد بها ارض مصر ففي إطلاقها ما يدل على تعظيمها وأنها كجميع الرض في اسشتمالها على ما قل أن يشتمل عليه غيرها.


الصفحة التالية
Icon