ولما كان التقدير كما أرشد إليه السياق لمن يسأل عن سبب فعله هذا العجيب : يريد بذلك زعم دوام ملكه بأن لا يسلبه إياه واحد منهم أخبره بعض علمائه أنه يغلبه عليه ويستنقذ شعبه من العبودية، عطف عليه قوله بحكي تلك الحال الماضية :﴿ونريد﴾ أو هي حالية، أي يستضعفهم والحال أنا نريد في المستقبل أن نقويهم.
أي يريد دوام استضعافهم حال إرادتنا ضده من أنا نقطع ذلك بإرادة ﴿أن نمن﴾ أى نعطي بقدرتنا وعلمنا ما يكون جديراً بأن نمتن به ﴿على الذين استضعفوا﴾ أي حصل استضعافهم وهان هذا الفعل الشنيع ولم يراقب فيهم مولاهم ﴿في الأرض﴾ أي أرض مصر فذلوا وأهينوا، ونريهم في أنفسهم وأعدائهم وفق ما يحبون وفوق مايأملون ﴿ونجعلهم أئمة﴾ أي مقدمين في الدين والدنيا، علماء يدعون كل واحد منهم لأن يقصد للملك بعد كونهم مستبعدين في غاية البعد عنه ﴿ونجعلهم﴾ بقوتنا وعظمتنا ﴿الوارثين*﴾ أى لملك مصر لا ينازعهم فيه أحد من القبط، ولكل بلد أمرناهم بقصدها، وهذا إيذان بإهلاك الجميع.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٦٠
ولما بشر بتمليكهم في سياق دال على مكنتهم، صرح بها فقال :﴿ونمكن﴾ أي
٤٦٤
نوقع التمكين ﴿لهم في الأرض﴾ أي كلها لا سيما أرض مصر والشام، بإهلاك أعدائهم وتأييدهم بكليم الله، ثم بالأنبياء من بعده عليهم الصلاة والسلام بحيث نسلطهم بسببهم على من سواهم بما نؤيدهم به من الملائكة ونظهر لهم من الخوارق.


الصفحة التالية
Icon