ولماكان الخوف عما يلحق المتوقعن والحزن عما يلحق الواقع، علل نهيه عن الأمرين، بقوله في جملة اسميهة دالة علىالثبات والدوام، مؤكدة لاستبعاد مضمونها :﴿إنا رادوه إليك﴾ فأزال مقتضى الخوف والحزن ؛ ثم زادها بشرى لا تقوم لها بشرى بقوله :﴿وجاعلوه من المرسلين*﴾ أي الذين هم خلاصة المخلوقين، والآية من الاحتباك، ذكر الإرضاع أولاً دليلاً على تركه ثانياَ، والخوف ثانياً دليلاً على الأمن أولاَ، وسره أنه ذكر المحبوب لها تقوية لقلبها وتسكيناً لرعبها.
ولما كان الوحي إليها بهذا سبباً لإلقائه في البحر.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٦٤
وإلقاؤه سبباً لالتقاطه، قال :﴿فالتقطه﴾ أى فأرضعته فلما خافت عليه صنعت له صندوقاً وقيرته لئلا يدخل إليه الماء وأحكمته وأودعته فيه وألقته في بحر النيل، وكأن بيتها كان فوق بيت فرعون، فساقه الماء إلى قرب بيت فرعونن فتعوق بشجر هناك، فتلكف جماعة فرعون التقاطه، قال البغوي : والالتقاط وجود الشيء من غير طلب.
﴿آل فرعون﴾ بأن أخذوا الصندوقن فلما فتحوه وجدوا موسى عليه السلام فأحبوه لما ألقى الله تعالى عليهم ممن محبته فاتخذوه ولداً وسموه موسى، لأنهم وجدوه في ماء وشجر، ومو بلسانهم : الماء، وسا : الشجر.
ولما كانت عاقبة أمره إهلاكهم، وكان العاقل لا سيما المتحذلق، لا ينبغي له أن يقدم على شيء حتى يعلم عاقبته فكيف إذا كان يدعي أنه إله، عبر سبحانه بلام العاقبة التي معناها التعليل، تهكماً بفرعون - كما مضى بيان مثله غير مرة - في قوله :﴿ليكون لهم عدواً﴾ أي بطول خوفهم منه بمخالفته لهم في دينهم وحملهم على الحق ﴿وحزناً﴾ أي بزوال ملكهم، لأنه يظهر فيهمايات التي يهلك الله بها منيشاء منهم، ثم يهلك جميع أبكارهم فيخلص جميع بني إسرائيل منهم، ثم يظفر لهم كلهم.