وقيل غير ذلك ﴿على حين غفلة﴾ قبل بعيد : وقيل بغير ذلك ﴿من أهلها﴾ أي إحكاماً لما جعلناه سبباً لنقلته منها طهارة من عشرة القوم الظالمين ﴿فوجد فيها﴾ أي المدينة ﴿رجلين يقتتلان﴾ أي يفعلان مقدمات القتل من الملازمة مع الخنق والضرب، وهما إسرائيلي وقبطي، ولذا قال مجيباً لمن كأنه يسأل عنهما وهو ينظر إليهما :﴿هذا من شيعته﴾ أي من بني إسرائيل قومه ﴿وهذا من عدوه﴾ أي القبط، وكان قد حصل لبني غسرائيل به عز لكونه ربيب الملك، مع أن مرضعته منهم، لا يظنون أن سبب ذلك الرضاع ﴿فاستغاثه﴾ أي طلب منه ﴿الذي من شيعته﴾ أن يغيثه ﴿على الذي من عدوه فوزكزه﴾ أي فأجابه ﴿موسى﴾ فركز أي فطعن ودفع بيده العدو أو ضربه بجميع كفه، وكأنه كالكم، أو دفعه بأطراف أصابعه، وهو رجل ايد لم يعط أحد من أهل ذلك الزمان
٤٧١
مثل ما أعطي من القوى الذاتية والمعنوية ﴿فقضى﴾ أي فأوقع القضاء الذي هو القضاء على الحقيقة، وهو الموت الذي لا ينجو منه بشر ﴿عليه﴾ فقتله وزفرغ منه وكل شيء فرغت منه فقد قضيته وقضيت عليه وخفي هذا على الناس لما هم فيه من الغفلة، فلم يشعر به أحد منهم.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٤٧١
ولما كان كأنه قيل : إن هذا الأمر عظيم، فما ترتب عليه من قول من أوتي حكماً وعلماً ؟ أجيب بالإخبار عنه بأنه ندم عليه في الحال بقوله :﴿قال﴾ أي موسى عليه السلام :﴿هذا﴾ أي الفعل الذي جرك إليه الإسرائيلي ﴿من عمل الشيطان﴾ أي لأني لم أومر به على الخصوص، ولم يكن نقصدي وإن كان المقنتول كافراً ؛ ثك أخبر عن حال الشيطان بما هو عالم به، مؤكداً له حملاً لنفسه على شدة الاحتراس والحذر منه فقال :﴿إنه عدو﴾ ومع كونه عدواً ينبغي الحذر منه فهو ﴿مضل﴾ لا يقود إلى خير أصلاً، وع ذلك فهو ﴿مبين*﴾ أي عداوته وإضلاله في غاية البيان، ما في شيء منهما خفاء.


الصفحة التالية
Icon