ولما علم بهذه الآيات حال من أصر على كفره وعمل سيئاً بطريق العبارة، وأشير إلى حال من تاب فوعد الحسن ألطف إشارة تسبب عن ذلك التشوف إلى التصريح بحالهم، فقال مفصلاً مرتباً على ما تقديره : هذا حال من أصر على كفره ﴿فأما من تاب﴾ أي كفره وقال :﴿وآمن﴾ تصريحاًبما علم التزاماً، فإن الكفر والإيمان ضدان، لا يمكن ترك أحدهما إلا بأخذ الآخر ﴿وعمل﴾ تصديقاً لدعواه باللسان ﴿صالحاً﴾.
ولما كانت النفس نزاعة إلى النقائص، مسرعة إلى الدنايا، أشيرإلى صعوبة الاستمرار على طريق الهدى إلا بعظيم المجاهدة بقوله :﴿فعسى﴾ أي فإنه يتسبب عن حاله هذا الطمع في ﴿أن يكون﴾ أي كوناً هةو في غاية الثبات ﴿من المفلحين*﴾ أي
٥١١
الناجين من شر ذلك اليوم، الظافرين بجميع المراد، باستمرارهم على طاعتهم إلى الموت، وإنما لم يقطع له بالفلاح وإن كان مثل ذلك في محاري عادات الملوك قطعاً، إعلاماً بأ، ه لا يجب سبحانه شيء ليدوم حذره، ويتقي قضاؤه وقدره، فإن الكل منه.
ولماكان كأنه قيل : ما لأهل القسم الأول لا يتوخون النجا من ضيق ذلك البلا، إلى رحب هذا الرجا، وكان الجواب : ربك منعهم من ذلك، أو ما لم يقطع لأهل هذا القسم بالفلاح كما قطع لأهل القسمالأول بالشقاء ؟ وكان الجواب : إن ربك لا يجب عليه شيء عطف عليه - إشارة إليه قوله ﴿وربك﴾ أي المحسن إليك، بموافقة من وافقك ومخالفة منخالفك لحكم كبار، دقت عن فهم أكثر الأفكار ﴿يخلق ما يشاء﴾ من الهدى الضلال وغيرهما، لأنه المالك المطلق لا مانع له من شيء من ذلك ﴿ويختار﴾ أي بوقع الاختيار، لما يشاء فيريد الكفر للأشرار، والإيمان للأبرار، لا اعتراض عليه، فربما ارتد أحد ممن أظهر المتاب، لما سبق عليه من الكتاب، فكان من أهل التباب فلا تأس علىمن فاتك كائناً من كان، واعلم أنه ما ضر إلا نفسه، ومن فاتنا يكفيه أنا نفوته.