إبراهيم في هجرته من حران بلد الكفر إلى الرض المقدسة فلم يعد إليها، وإسماعيل في العلو به من الرض المقدسة إلى اقدس منها فلم يعد إليها، بل يسلك لك سبيل أخيك موسى عليه الصلاة والسلام - الذي أنزل عليه الكتاب كما أنزل عليك الكتاب القرآن الفرقان، والذي اشركوك به في قولهم ﴿لولا أوتي موسى﴾ [القصص : ٤٨] - في إعادته إلى
٥٢٩
البلد الذي ذكر في هذه السورة - توطئة لهذه الآية - أنه خرج منه خائفاً يتوقب - وهي مصر - إلى مدين في أطراف بلاد العرب، على وجه أهلك أعداءه، أما من كان نم غير قومه وغيرهم، كما خرجت أنت من بلدك مكة خائفاً تترقب إلى المدينة الشريفة غير أن رجوعك - لكونك نبي الرحمة، وكون خروجك لم يكن مسبباً عن قتل أحد منهم - لا يكون فيه هلاكهم، بل عزهم وأمنهم وغناهم وثباتهم، واختير لفظ القرآن دون الكتاب لما فيه من الجمع من لازم النشر - كما مضى في الحجر، فناسب السياق الذي هو للنشر والحشر والفصل من بلده ثم الوصل، فإنه روى أن هذه الآية نزلت على النبي ﷺ في الجحفة وهي في طريق الهجرة.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٢٧
ولما فهم من الإبلاغ في هذا التأكيد أن ثَم من يبالغ في النفي وافنكار على حسب هذا التأكيد في الإثبات فيقول : إن الأمر ليس كذلك، ولا يعود إلى مكة المشرفة ومنا عين تطرف، قال مهدداً على طريق الاستئناف على لسانه ﷺ لكون الإنكار تكذيباً له كما كذب موسى ﷺ حين أجاب بمثل ذلك كما تقدم :﴿قل﴾ أي لهؤلاء المنكرين لما أخبرتك به :﴿ربي﴾ أي المحسن إليّ ﴿أعلم﴾ أي من كل أحد.


الصفحة التالية
Icon