ولما كان التقدير : فالذين كفروا وعملوا السيئات لنجزينهم أجمعين، لكنه طواه لأن السياق لأهل الرجاء، عطف عليه قوله :﴿والذين آمنوا وعملوا﴾ تصديقاً لإيمانهم ﴿الصالحات﴾ في الشدة والرخاء على حسب طاقتهم، واشار بقوله :﴿لنكفرن عنهم سيئاتهم﴾ إلى أن الإنسان وإن اجتهد لا بد أن يزل لأنه مجبول على النقص، فالصلاة إلى الصلاة كفارة لما بينهما ما لم يؤت الكبائر، والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان ونحو ذلك مما وردت به الأخبار عن النبي المختار صلى الله عليه وسلم.
وزاده فضلاً وشرفاً لديه ؛ قال البغوي : والتكفير إذهاب السيئة بالحسنة، أو لنغفرن لهم الشرك وما عملوا فيه، وأكد لأن الإنسان مجبول على الانتقام ممن أساء ولو بكلمة ولو بالامتنان بذكر العفو فلا يكاد يحقق غير ما طبع عليه.
ولما بشرهم بالعفو عن العقاب، أتم البشرى بالامتنان بالثواب، فقال عاطفاً على ما تقديره : وانثبتن لهم حسناتهم ﴿ولنجزينهم﴾ أي في الإسلام ﴿أحسن الذي كانوا﴾ أى كوناً يجملهم على أتم الرغبة ﴿يعملون*﴾ أي أحسن الجزاء ما عملوه في الإسلام وما قبله وفي طبعهم أن يعملوه.
ولما ذكر سبحانه أنه لا بد من الفتنة، وحذر من كفر، وبشر من صبر، قال عاطفاً على ﴿ولقد فتنا﴾ مشيراً إلى تعظيم حرمة الوالد حيث جعلها في سياق تعظيمالخالق، وإلى أنها أعظم فتنةك ﴿ووصينا﴾ على ما لنا من العظمة ﴿الإنسان﴾ أي الذي أعناه على ذلك بأن جعلناه على الأنس بأشكاله لا سيما من أحسن إليه، فكيف بأعز الخلق عليه، وذلك فتنة له ﴿بوالديه﴾.
ولما كان التقدير : فقلنا له : افعل بهما ﴿حسناً﴾ أى فعلاً ذا حسن من برهما وعطف عليهما، عطف عليه قوله :﴿وإن جاهداك﴾ أي فعلاً معك فعل المجاهد مع من يجاهده فاستفرغا مجهودهما في معالجتك ﴿لتشرك﴾ وترك مظهر العظمة للنص على المقصود فقال :﴿بي﴾ ونبهه على طلب البرهان في الأصول إشارة إلى خطر المقام
٥٣٨