العظم المرام، فقال استعمالاً للعدل، مشيراً بنفي العلم إلى انتفاء العلوم :﴿ما ليس لك به علم﴾ أصلاً بأنه يستحق الشركة فإن من عبد ما لم يعلم استحقاقه للعبادة فهو كافر ﴿فلا تطعهما﴾ فإنه لا طاعة لمخلوق - وإن عظم - في معصية الخالق، وهذا موجب لئلا يقع من أحد شرك اصلاً، فإنه لا ريب أصلاً في أنه لا سبهة تقوم على أن غيره تعالى يستحق افلهية، فكيف بدليل يوجب علماً، والمقصود من سياق الكلام إظهار النصفة والتنبيه على النصيحة، ليكون أدعى إلى القبول ؛ ثم علل ذلك بقوله :﴿إليّ مرجعكم﴾ أى جميعاً : من آمن ومن اشرك بالحشر يوم القيامة ؛ ثم سبب عنه قوله :﴿فأنبئكم﴾ أي أخبركم إخباراً عظيماً مستقصى بليغاً ﴿بما كنتم﴾ أى برغبتكم ﴿تعملون*﴾ أى فقفوا عند حدودي، واتركوا ما تزينه لكم شهواتكم، واحذروا مجازاتي على قليل ذلك وكثيره، عبر سبحانه بالسبب الذي هو الإنباء لأنه لا مثنوية فيه عن المسبب الذي هو الجزاء، مطلقاً للعبارة، وتهديداً بليغاً على وجه الإشارة، وطوى ذكره لأنه قد يدخله العفو، وهذه الآية نزلت في سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه، اسلم وكان باراً بامه، فحلفت : لا تأكل ولا تشرب حتى يرجع عن دينه أو تموت فيعير بها ويقال قاتل أمه، فمكثت يومين بلباليهما فقال : ي أماه، لو كنت لك مائة نفس فخرجت نفساً نفساً ما تركت ديني فكلي، وإن شئت فلا تأكلي فلما أيست منه أكلت وشربت - وأصل القصة في الترميذي.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٣٧
ولما كان التقدير : فالذين أشركوا وعملوا السيئات لندخلنهم في المفسدينن ولكنه طواه لدلالة السياق عليه، عطف عليه زيادة في الحث على الإحسان إلى الوالدين قوله :﴿والذين آمنوا وعملوا﴾ في السراء والضراء ﴿الصالحات﴾.