جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٣٩
ولما كان الإحسان منه إنما هو محض امتنان، فلا يجب عليه لأحد شيء، عبر بما يدل على ذلك مشيراً إلى أنه يفعله لأجله ﷺ فقال :﴿من ربك﴾ أى المحسن إليك بنصر أهل دينك، تصديقاً لوعدك لهم، وإدخالاً للسرور عليك، ولما كانت هذه الحالة رخاء، عبر بضمي الجمع إشارة إلى نحو قول الشاعر :
وما أكثر الإخوان حين تعدهم ولكنهم في النائبات قليل
فقال :﴿ليقولن﴾ أي هؤلاء الذين لم يصبروا، خداعاً للمؤمنين خوفاً ورجاءً وعبر في حالة الشدة بالإفراد لئلا يتوم أن الجمع قيد، وجمع هنا دلالة على أنهم لا يستحيون من الكذب ولو على رؤوس الأشهاد، وأكدوا لعلمهم أن قولهم ينكر لأنهم كاذبون فقالوا :﴿إنا كنا معكم﴾ أى لم نزايلكم بقلوبنا وإن أطعنا أؤلئك بآلسنتنا.
٥٤٠
ولما كان التقدير : أليس أولياؤنا المتفرسون بأحوالهم عالمين ؟ عطف عليه منكراً قوله :﴿أوليس الله﴾ الميحط بعلم الباطن كما هو محيط بعلم الظاهر ﴿بأعلم بما في صدور العالمين*﴾ أي كلهم، منهم فلا يخفى عليه شيء من ذلك إخلاصاً كان أو نفقاً، بل هو أعلم من اصحاب الصدور بذلك.


الصفحة التالية
Icon