وفيه دليل على ما بعد.
٥٤٣
ولما كان بلاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام عظيماُ في قذفه في النار وإخراجه من بلاده، أتبعه بع فقال :﴿وإبراهيم﴾ أي ولقد أرسلنا إبراهيم، ويجوز أن يكون التقدير : واذكر إبراهيم أباك العظم لتتأسى به وتتسلى ويتعظ قومك بقصته، لكن قوله ﴿وإلى مدين﴾ يرجح الأول، ودل على مبادرته للمتثال بقوله :﴿إذ﴾ أى حين، وهو بدل اشتمال على التقدير الثاني لاشتمال الأحيان على ما قبلها ﴿قال لقومه﴾ الذين هو منهم :﴿اعبدوا الله﴾ أي الملك الأعظم بما يأمركم به من طاعته ﴿واتقوه﴾ أي خافوه في أن تشركوا به شيئاً فإنه يعذبكم ﴿ذلكم﴾ أى الأمر العظيم الذي هو إخلاصكم في عبادتكم له وتقواكم ﴿خير لكم﴾ أي من كل شيء ﴿إن كنتم﴾ أي بما لكم من الغرائز الصالحة ﴿تعلمون*﴾ أي إن كنتم في عداد الحيوانات العجم، بل أضل، فإنها تهتدي لما ينفعها فتقبل عليه، وتسعى بجهدها إليه.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٤٢
ولما أمرهم بماتقدم، ونفى العلم عمن جهل خيريته، دل عليه بقوله :﴿إنما تعبدون﴾ ولما كان الله أعلى من كل شيء قال :﴿من دون الله﴾ أي الذي لا شبيه له ولا نظير، ولا ثاني ولا وزير، وقال :﴿أوثاناً﴾ إشارة إلى تفرق الهم بكثرة المعبود، والكثرة يلزمها الفرقة ولا خير في الفرقة.
ومادة " وثن " بجميع تقاليبها وزاوية ويائية ومهموزة تدور على الزيادة والكثرة، ويلزمها الفرقة نم اختلاف الكلمة، فيلزمها حينئذ الرخاوة فيأتي العجز، وتراكبيها تسعة : في الواوي الثلاثة/ وثن ثنو ثون، وفي اليائي ثلاثة : ثنى نثى ثقين، وفي المهموز ثلاثة : أنث أثن نأث، فمن الزيادة : الوثن، قال القزاز : قال ابو منصور : الفرق بين الوثن والصنم أن الوثن كل ما كان له جثة من خشب أو حجر أو فضة أو ذهب أو جوهر أو غيره ينحت فينصب فيعبد، والصنم الصورة التي بلا جثة، ومنهم من جعل الوثن صنماً - انتهى.


الصفحة التالية
Icon