جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٤٢
ولماكان التقدير : فإن تصدقوا فهو حظكم في الدنيا والآخرة، عطف عليه قوله :﴿وإن تكذبوا﴾ والذي دلنا على هذا المحذوف هذه الواو العاطفة على غير معطوف معروف ﴿فقد﴾ أي فيكفيكم في الوعظ والتهديد معرفتكم بأنه ﴿كذب أمم﴾ في الأزمان الكائنة ﴿من قبلكم﴾ كثيرة، كعاد وثمود وقم نوح وغيرهم، فجرى المر فيهم عل سنن واحد لم يختلف قط في نجاة والمطيع للرسول وهلاك العاصي له، ولم يضر ذلك بالرسول شيئا وما ضروا به إلا أنفسهم ﴿وما على الرسول﴾ ان يقهركم بحيث لايبقى فيه شك، بإظهار المعجزة وإقامة الدلة على الوحدانية.
ولما كان التقدير ك الم تروا إلى مصارعهم ؟ واتساق الحال في أمرهم ؟ فيكفيكم ذلك زاجراً، عطف عليه للدلالة على الرجوع غليه منكراً قوله :﴿أو لم يروا﴾ بالخطاب في قراءة حمزة والكسائي وفي رواية عن أبي بكر عن عاصم جرياً على النسق السابق، وبالغيب للباقين، إعراضاً للإيذان بالغضب ﴿كيف يبدىء الله﴾ أى الذي له كل كمال ﴿الخلق﴾ أي يجدد إبداءه في كل لحظة، وهو بالضم من أبدأ، وقرىء بالفتح من بدأ، وهما معاً بمعنى الإنشاء من العدم ؛ قال القزاز : أبدأت الشيء ابدئه إبداء - إذا أنشأته، والله المبدىء أي الذي بدأ الخلق، يقال : بدأهم وأبدأهم، وفي القاموس : بدأ الله الخلق : خلقهم كأبدأ.
ورؤيتهم للإبداء موجودة في الحيوان للإبداء والإعادة في النبات، ولا فرق في الإعادة بين شيء وشيء فيكون قوله - ﴿ثم يعيده﴾ أى يجدد إعادته في كل لمحة - معطوفاً على ﴿يبدىء﴾ ولو لم يكن كذلك لكان عطفه عليه من حيث إن مشاهدة حال الابتداء جعلت مشاهدة لحال الإعادة من حيث إنه لا فرق، ولا حاجة حينئذ إلى تكلف عطفه على الجملة من أولها.
جزء : ٥ رقم الصفحة : ٥٤٧


الصفحة التالية
Icon